بين كرواتيا ولبنان… ناقدة وشاعر

Views: 752

د. منيف موسى

في شتاء العام 2019 تعرّفتُ مصادفة بآنسة كرواتيّة [هي مونيكا نيرال]، جاءت بلادي لتتعلّم اللغات والترجمة في إحدى جامعات بلادي.

زارتني أمسيّة، جلسنا طويلاً، تحادثنا في الحضارة والثقافة والآداب والفلسفة والفنون، تنادمنا وتسامرنا، وكانت بنت الكرمة، رفيقتنا.

أهديتُ الزائرة الصديقة بعضًا من شِعْريَ المترجم إلى الفرنسيّة والإنكليزيّة. وبعد مدة تركتْ ليَ رسالة مع جارٍ لي؛ جاء فيها كلام فهيم أحببته. ومّما جاء في الرسالة ما مفاده:

 “بيروت في 20/ 4/  2019″ … عزيزي منيف. حاولتُ اكتشاف عالم منيف موسى الداخليّ والعقليّ والروحيّ، واكتشاف رسالته الأدبيّة والشِعْريّة. أردتُ أنْ أعرف كيف هو هذا المنيف … لقد كان ساحرًا. وتأكدتُ أنّ كلّ كلمة مفردة من شِعْره لها معناها عنده. وأنّها لم تُكتب مصادفةً، بدون تجربة حقيقيّة. لقد كانت ذات حظّ. لقد كان حُبُّكَ، يا منيف، حاضرًا، ولم يكنْ عبثًا أو هُراء. لقد كان شيئًا ساحرًا، مفعمًا بالكلمات الانفعاليّة ذات الأحاسيس الجيّاشة! كنتُ حالمة لبرهة. لقد كانت موسيقى شجيّة. كان كتابك، يا منيف، يتكلّم عن نفسه بنفسه. لقد كنتُ محظوظة بلقائك. كم يُشرّف الذين تلمذوا لك أنْ كُنْتَ أستاذهم، مؤمّلة أنْ تُعطي معرفتك العالية، وثقافتك الوسيعة مزيدًا من الفنّ والشِعْر والحُبّ، لتبني عالمًا أفضل! أنا متأكدة أنّني قد قرأتُ شيئًا فريدًا فذًّا ذا قيمة عالية يُقال له: فنّ وأدب … آملةً أنْ ألقاكَ قريبًا … مع كلّ الحُبّ.”

وغادرت الصديقة الكرواتيّة لبنان.

ثمّ كان أنْ نشرتُ كتابيَ الجديد “الشِّعْر والحُبّ” [تموز 2019] وفيه رسائل من سيدات وآنسات عرفتهنّ، ومن بينهنّ “مونيكا الكرواتيّة”. وقد هاتفتها إلى بلادها وصوّرت لها عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ الكتاب ورسالتها فيه، وكنتُ قد ترجمتُ بعض فِقَرٍ من رسالتها أدرجتُها في مقدّمة الكتاب.

ويوم 29 تموز 2019، تلقيتُ منها رسالة بالهاتف الذكي. رسالة مشحونة بالشكر والعقل والعاطفة والفهم والذكاء والإنسانيّة. وفيها أنّ صديقتي تهتمّ بمحاولة بناء عالم مثاليّ على غرار “جمهورية أفلاطون” أو “مدينة الفارابي الفاضلة” … ومّما جاء في الرسالة:

“برشلونة 26/ 7/  2019”

“عزيزي منيف.

أشكرك جزيل الشكر، على اهتمامك الكبير الذي أبديته نحوي، على رسالتي الأولى إليك. فقد أريتني مرّة ثانية أيّ كبير أنت. إنّني أثمّن عاليًا العمل المُحِبّ الذي أظهرته في إدراجك رسالتي الأولى في كتابك الجديد، وترجمتك بعضًا منها ووضعه في مقدمة هذا الكتاب. إنّه لشرف هائل تمنحني إيّاه!

وقالت الصديقة:

“… لِنَعُدْ، فنتحدّث عن عملك (مؤلّفك) الجديد الذي أخبرتني عنه. لا أستطيع الانتظار لقراءته. ولكنّني أريد أنْ أشاطرك قراءته مباشرة معك، وشخصيًّا، عند عودتي – مرّة ثانية – إلى بيروت، على كأس من نبيذ لبنان اللذيذ، مع صحن “حمّص بطحينة” الذي أفتقده كثيرًا منذ مغادرتي بيروت.

“… إنّني أعجب لرجل مثلك، كيف قرأ المئات بل الآلاف من الكُتُب، والرسائل، والمجلات … فهذا مُعجب – حتى الآن – ولا يُصدّق. أتمنّى أنْ أتكلّم معك حول هذا كلّه، فنتشارك في آرائنا … ولكنْ – أنتظرُ – حتى أقرأ عنك، بَعْدُ، وبهذا سأفهم أفكارك وعالمك الروحيّ والعقليّ، بصورة أبعد وأوضح. إنّ فعل الكتابة والحوار يلزمه مقدرة وقوّة كبيرتان لإتمامه!

…”أنا في حُبّ غامر لبلدك، للبنان الساحر الذي عرفتهُ في أثناء إقامتي فيه مدة أربعة أشهر. وقد فهمتُ كثيرًا عنه من خلال قصائدك، ومن خلال كتاباتك الرائعة اللامعة، التي عبّرتَ بها عن هذا البلد الجميل … لا أزال حالمة بذلك كلّه!

“… عندي رغبة أو أمنية أنْ أنشر كُتبَكَ، ورسالتك الأدبيّة والإنسانيّة في أوروبة. وسأحاول إيجاد الطريقة لذلك!

“… إنّ الحُبّ هو أملنا الوحيد، في أيامنا هذه، وهو القوّة التي لا تزال – حتى الآن – تصنع دائمًا الفرق … فعلاً، لا أزال أُؤمّل ما أتمنّى، وليس هذا بمستحيل!

وتضيف الصديقة:

“… لا تدع موسيقاك في داخلك، أطلقها. وإذا كان أحد لا يريد سماعها، فذلك بسبب أنّه لا يعرف كيف يراقصها!

“ليس التقدير العظيم بكافٍ لرجل عظيم وكبير مثلك!

بكلّ الحُبّ

مونيكا نيرال”

– كرواتيا – 

هذا بعض ما نفحتني به صديقتي الكرواتيّة التي أرى في شخصها كلّ النبل والحُبّ والذكاء والعاطفة والعقل والرّقة والجاذبيّة.

إنّني أراها سيّدة من سيدات الأساطير ببنية بشريّة رائعة! تريد العالم كلّه موطنًا لها!

بيروت – تموز 2019

Comments: 1

Your email address will not be published. Required fields are marked with *

  1. سلام على روحك. رحلت ونسختي الهدية من كتابك لا تزال في بيتك الغني بأوراقه. من أين لي بهذه النسخة الغالية؟