سجلوا عندكم

“هذه يدي فلا تبخلي عليها بالدّموع يا بنيتي”

Views: 850

د. جان توما

في حفل تخرّج طلاب الجامعة اللبنانية في كلّية الآداب والعلوم الإنسانيّة شمالًا، انحنتِ الابنة المتخرّجة وقبّلَتْ يدَ أمّها فقالت الأمّ:

ابنتي المتخرّجة

هذه يدي فلا تبخلي عليها يا بنيتي بالدّموع، فهي دموعي التي صيّرتك، ببركة المولى، خرّيجة الجامعة اللبنانية.

هي على جبينك الموسوم بالعِلْمِ خفّاقة كعلمِ بلادي وجامعته التي قالت لك: أن اخرجي إلى العالَم وكوني له كما كنتِ لكلّيتك بكلّيتِكِ.

حينّ لمستِ يدي يا ابنتي أدخلتني فرح الأيام ووجدتك بردائك الأسودَ تتفجّرينَ ضياءً وأقبسةً من نور.

روحي يا “روحي” إلى المجتمع وازرعي فيه علمَكِ وقولي له: جئتك بإيماني وعفويتي وكتابي، بسهري وكدّي كي أحيا بك حرّة العقل، واسعة المدارك، لتكون كما نريدك وتريدنا نحن الشباب، على صورة طموحنا وأحلامنا. ابقي يا بنيتي حالمة ومؤمنة بأنَّ العلمَ وحده يفتح الآفاق ويحرّر، وبه يكون الحقّ ويعلو.

حين أمسكتِ يدي ووضعتها على جبينك شعرتُ أني أملك الدنيا وأنّ الله تعالى أقامني في احتفال تخرّجك، فشدّد ركبتَيّ وقوَّى بصري لأراكِ “قدّ الدني”.

حين تخرجينَ إلى العالم تذكري لمسةَ يدي على حبينكِ لتشعري بأنّ الله تعالى معك، وصلاتي معك، وفؤادي سيبقى الكتاب الذي تقرأين فيه المحبة التي ربيتك فيها شبرًا شبرًا وندرًا ندرًا، وتذكّري أنّ أيدي أساتذتك ما بخلت عليك بتحويل المعلومات والخبرات إلى خميرة أودعوها قلبك ليبقى نابضًا بذاك العطاء الذي لا يقدر عليه إلا المحبّون.

غدًا، بعد هذا التخرّج ستصيرين أنتِ الكتابَ الحيَّ والأبجديةَ التي كانت لك على مقاعد الدراسة لتغيّري العالم وتساهمي في صناعة الجديد.

يدي ستشتاق إلى قبلاتك وإلى لمسة جبينك فلا تنسي دموع عينّي لتغتسلي بها من تَعَبِ العالم.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *