حوار مع المجرم التائب علي عفيفي… أول من طبق الشريعة الإسلامية على نفسه في العالم!
مصر- حنان عبدالبديع
في طنطا أب عنده أولاد عدة، معظمهم منضبط، إلا ولد واحد منحرف، وشارد، وعاق، والعاق اصبح حديث العالم كله هو اول انسان يرجع الى الله ببتر كفيه؟!!!
انسان بسيط، رجل ريفي، ابن طنطا. كتبت عنه الصحف كثيرًا، وكان ضيفًا في جميع الفضائيات. “علي عفيفي” اول من طبق “الشريعة الاسلامية” على نفسه في العالم. تم بتر كفيه بنفسه لنفسه تحت “عجلات القطار”!
التقيت عفيفي في مقر “جمعية إنطلاقة أمل” وكان لي معه الحوار الآتي:
*توبة محمودة، ولكن ألم يكن بإمكانك التوبة من دون بتر كفيك؟!
-لا، لا، لا، فهذا “اضعف الايمان”. التوبة يجب ان تكون من العقل والروح والجسد، فهي، أي التوبة، تخلِّص من ذنب العقل، والجسد بالتخلص من أداة ارتكاب الذنب، أي الكفّين. أما الروح فلا بد من أن تحاط بجو إيماني، عبر التلاقي مع المؤمنين والصادقين. وهذا أحد شروط التوبة، الواجب على المذنب تنفيذها، كي يقبل الله توبته.
في الماضي، مارست السرقة على مدى 25 عامًا، ولم يقبض علي ولا مرة، وكنت أُنفذ عمليات السرقة وحدي. والان انا مستريح البال.
*كيف بترت كفّيك؟
-بعد تفكير عميق وإحساس بالذنب، قررت أن أقتلع أساس الذنب (جرائم السرقة) من جذوره، فتوجّهت إلى السكة الحديدية، وقمت ببتر يدي اليسرى أولا، وتم نقلي إلى المستشفى، وعدت إلى أهل قريتي أستسمحهم.
لكن الشيطان عاد ووسوس لي مرة أخرى، وتخيلت أنني لن أجد من يعيلني، فعدت إلى السرقة، ولم يشك بي أحد لاعتقادهم أنني تبت بعد قطع يدي، وكنت أعطي أصدقائي المشردين من الأموال المسروقة، إلى أن سرقت من امرأة، فصرختْ: أنا أربي أيتاما”.
وقد ألقت الشرطة القبض علي للمرة الأولى بعدما قدّمت المرأة أوصافي، لكنها عفت عني بعدما رأت يدي المبتورة، فبكيت بشدة وقررت الذهاب مرة أخرى إلى محطة السكة الحديدية، لبتر يدي اليمنى بعد عام ونصف العام من بتر اليسرى.
*وكيف تشعر الآن؟
– الآن ضميري مرتاح. وأنا تائب مستقيم، أجاهد نفسي، لعلي أنجو من غضب الله.
فلا تتعجب من ارادة الله، بين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال الى حال.
*ما هي احلامك لغدك وانت لا تملك قوت يومك؟
-احلامي؟!! ليس لي حلم شخصي، ولكنني احلم بالمال لمساعدة أهل قريتي وإقامة حضانات للأطفال، ومستشفى، وإنشاء مشاريع للشباب.
*ومن اين لك المال وانت لا تستطيع العمل؟
-من الدولة والتبرعات وأهل الخير ان شاء الله.

*ماذا تفعل الآن؟
-اتلاقى مع المخرج العالمي السوري والعربي السينمائي فيصل بني المرجة في القاهرة، لكتابة قصة حياتي وقصة توبتي لصناعة فيلم عن حياتي، يتحدث عن توبة انسان قرر الفرار الى الله وضحى بالثمين والغالي.
أنا عضو اساسي في مهرجان الاعاقة في عيون الانسانية لصاحب الفكرة المستشار مصطفى عبد الله والدكتورة سماح عمر، وهو مخصص لذوي الاحتياجات الخاصة، وانا مميز بينهم، فكل معوق له ظروفه، أما أنا فقد عوّقت نفسي بنفسي. أنا العاصي التائب. أنا من حكم على نفسه بما أمر شرع الله… أنا أول من طبق الشريعة الإسلامية على نفسه، وعاقبت نفسي قبل أن يعاقبني ربي سبحانه، وأنا سعيد وضميري مرتاح.
***
ورد في بعض الآثار: إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب”. ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ ﴾. ويقول في آية أخرى: وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ﴾(سورة ق) ويقول تعالى في آية ثالثة:﴿ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ ان الله له احبابه وخاصته، اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من أحبابك وأوليائك وعبادك الصالحين.
علي عفيفي حالة انسانية ونفسية يجب ان تدرس في كل محافل علم النفس. انسان غريب في عالم التوبة الجديد.