نسيم الآلهة من هوميروس والأيونيين… إلى معبد الرومان في قرية عين حرشا / راشيا

Views: 1210

مشلين بطرس

يرحلون ويفنون، وتبقى ممتلكاتهم موجودة تشهد على أبخرة أنفاسهم، على لمسات أناس عاشوا، عملوا وتعبوا، فرحوا وحزنوا، فكروا وكتبوا وكوّنوا حضارة.

لكن مجتمعاتنا العربية أهملت الكثير من آثار هؤلاء وغيرهم، واعتبرتها شيئًا ثانويًا، حتى أنّ هناك أشخاصًا لم يولونها الأهمية  المستحقة، مع أنها تحتل مكانة عظيمة، لذا وفي هذا المقال وددت أن نذهب في رحلة نحو البقاع الغربي اللبناني، وتحديدًا إلى قضاء راشيا/ عين حرشا تلك البلدة الصغيرة التي تعود تسميتها إلى اللغة الآرامية والتي تعني “مكان العبادة، أو مكان سكن الأرواح” هي بلدة السحر والرقيّة، فيها نواويس مدفنية، وكتابات لم تُفكّ طلاسمها بعد ..

 

تحتضن معبدًا رومانيًا على مقربة من جبل حرمون، كما ونستطيع الوصول إليه من قرية عين عطا المقابلة لعين حرشا .

وقد شُيّد هذا المعبد ما بين عامي 113 و 114 ق.م والذي لا يزال كاملاً تقريبًا باستثناء سقفه الذي تهدّم بسبب الإهمال وعوامل الطقس والطبيعة، إنه معبدٌ نُقشت على صخوره رسومٌ منها لألهة القمر سلان، وآلهة الشمس هليوس، فهو من المعابد الأيونية النادرة في لبنان، إنّه الأكثر اكتمالاً بين أترابه، وتظهر على جدرانه عملياتُ ترميمٍ قام بها فريق علمي ألماني أواخر ثلاثنيات القرن الماضي، ومن حينها لم نسمع أو لم يُذكر على الإطلاق أيّة عملية ترميم قام بها أحد ما.

 

 فهذا الأثرالأيوني المتميز بندرته وأخشاب الأرز والصنوبر والسنديان التي صُنعَ منها السقف المهدّم، يناشد أهله وحاضنيه إلى الإسراع في عملية ترميمه، وتفادي انهياره بشكل كامل وتلاشيه ..

فهل ستصل حروفي إلى الجهات المعنية؟ وهل ستقوم بلدية عين حرشا بالإهتمام بآثارها العظيمة؟

لأنهم وإذا أولوها العناية والاهتمام التي تستحقه، فحتمًا ستشهد هذه القرية الجميلة نهضة أركولوجيا ثقافية سياحية، ستستقطب الزوار من جميع أنحاء العالم …

 

ولأن منظر التشققات والتصدعات التي لحقت بهذه الآثار بسبب الإهمال، أحزنني فقد كان حافزًا دعاني لكتابة هذا المقال سيما وأن بلدة “عين حرشا” هي بلدة والدتي التي قضيتُ فيها أجمل أيام الطفولة، فعلى تيجان شيحها الأصفر خبأنا ألعاب البراءة ، وعلى ترابها مرغنا طفولتنا في العشب أنذاك، وفي حضن فيء أشجارها أكلنا أكواز التين وقطفنا عناقيد العنب، ومن كرومها تلذذنا بطعم البندورة والنعنع …،  ومازلنا نتمنى أن تتحول هذه الأفكار إلى حقيقة وواقع تهتم بمعبد “عين حرشا”، فربما يأتي من يبني منتزهًا أو مطعمًا صغيرًا بالقرب من المعبد، وربما تضاء الأنوار حوله وتزول العتمة فيؤمه الناس من العالم، ويدرّ اموالاً لا طائل لها تعود فائدتها إلى القرية وأبناء القرية، وربما تنتقل عدوى النهضة إلى قرى أخرى من لبنان، وتزدهر السياحة في كافة مناطقه، وينعم لبنان وأهله بالرفاه والسعادة والفرح،…

وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم/ وتأتي على قدر الكِرام المكارم

وتعظم في عين الصغير صغارها/ وتصغر في عين العظيم العظائم.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *