داود في مؤتمر “ايكوموس لبنان”: إرثنا معرض للاندثار إذا لم نعمل على صقله وحفظه وترميمه

Views: 551

نظمت “ايكوموس لبنان” مؤتمرا علميا بالتعاون مع وزارة الثقافة ونقابة المهندسين في بيروت، بعنوان “لبنان بعد العام 1990 – ممارسات الحفاظ على التراث”، على مدى يومين في بيت المهندس في بئر حسن، برعاية وزير الثقافة الدكتور محمد داود داود.

عبد المسيح

بداية تحدثت امينة سر “ايكوموس” سارة ليلي ياسين معرفة بأهمية المؤتمر، ثم تحدثت رئيسة “ايكوموس لبنان” جنين عبد المسيح، فاعربت عن شكرها “للوزير داود وللمديرية العامة للاثار ولنقابة المهندسين وعلى رأسها النقيب جاد تابت لاستقبالها في هذه القاعة ولإنجاح هذا المؤتمر”.

ونوهت ب”دور رئيس “الايكوموس” الدولي الدكتور توشييوكي كونو لتواجده في بيروت لدعمه للجنة الوطنية التي اسست في العام 2017، وتضم حاليا زهاء 50 خبيرا متخصصا في مجال التراث، وهم مشكورون لتعاونهم ومساهمتهم لإنجاح هذا اللقاء من حيث التنظيم او المشاركة العلمية”.

وأملت من خلال هذا المؤتمر “تفعيل الحوار بين الخبراء ومختلف الجهات العاملة لحماية التراث الوطني، وذلك حول: مبادىء واسس كيفية حماية التراث المبني وغير المبني من خلال التجارب التي مرت على لبنان منذ العام 1990، اي في فترة اعادة الاعمار وحتى اليوم، ومن خلال عرض للمشاريع الرائدة التي نفذت او هي قيد التنفيذ في مدننا ومواقفنا التراثية، وذلك لتحديد سياسة عامة من شأنها ان تدعم السلطات المسؤولة للحماية والحفاظ على تراثنا الوطني، نأمل ان يكون هذا المؤتمر الاول من سلسلة لقاءات وورشات عمل تنظمها وترعاها اللجنة الوطنية للايكوموس تأكيدا لمهامها كمنصة حوار وتفكير ونقاش تنشئ الروابط بين الادارات والمؤسسات والخبراء وأي شخص معني بحماية التراث، فتحمل اللجنة الوطنية لبنان الى المؤسسات والمنظمات الدولية، كما تتولى نشر المعلومات التي تم جمعها والمتعلقة بالمبادىء والتقنيات وسياسات الحفاظ على التراث الثقافي”.

وختمت: “اريد ان أشجع جميع الاخصائيين والشباب المحترفين “يونغ بروفشينيلز” في مجال التراث للمشاركة في هذه الانشطة وللانتساب في اللجنة الوطنية لضم كل الاختصاصات والجهات المعنية في تشاور وحوار علمية وبرامج ومشاريع ومبادىء الحفاظ على التراث الثقافي الوطني”.

تابت

ورحب النقيب المعمار جاد تابت بالمؤتمر في نقابة المهندسين في “ICOMOS Lebanon”، وقال: “كمنظمة غير حكومية مستقلة تقوم بنشر أنشطتها في جميع أنحاء العالم للحفاظ على التراث الثقافي وتعزيزه من خلال شبكتها من الأعضاء واللجان الوطنية واللجان العلمية، وتحرص على تطوير تعاونها مع “ICOMOS” لمعالجة القضايا الرئيسية التي نواجهها جميعا اليوم، والمخاوف البيئية وتغير المناخ والتنمية المستدامة، وكذلك حماية التراث الثقافي المهدد بالحرب والعنف أو عن طريق التطورات الحضرية غير المنضبطة”.

ولفت الى ان “التراث الثقافي في المنطقة العربية يواجه اليوم تحديات خطيرة، حيث تعرضت مواقع عدة مدرجة في قائمة التراث العالمي لليونسكو أو في قوائم موقتة والمدن التاريخية الكبرى والمواقع الأثرية في سوريا والعراق واليمن وليبيا وفلسطين لأضرار جسيمة بسبب الحرب والأنشطة العسكرية، في حين أن مواقع أخرى لا تزال مهددة بسبب النزاعات، ويعاني الكثير منهم من أبعاد جديدة للتدمير المتعمد وما ينتج عنه من تسوس سريع”.

وأوضح ان “الطبيعة المتنوعة والمعقدة للكوارث التي تؤثر على منطقتنا، تشكل تحديات لكل من الاستجابات الأولية للطوارئ واستراتيجيات الانتعاش. وتشمل هذه التحديات التقويم المبدئي للتأثيرات في أعقاب الأحداث الصادمة مباشرة وتحقيق الاستقرار وتأمين هياكل التراث المتأثرة من أجل تجنب المزيد من الضرر ووضع قائمة جرد بالعناصر والقيم التراثية وتحديد وتقويم خيارات الانتعاش وإعادة الإعمار، بما في ذلك تحديد أصحاب المصلحة والخبرة والمهارات والاستخدام الفاعل للموارد، والأهم ضمان مشاركة المجتمعات المحلية في عملية إعادة الإعمار”.

اضاف: “في هذا الصدد، فإن تجربة إعادة الإعمار بعد الحرب العالمية الثانية في أوروبا ليست ذات فائدة كبيرة بالنظر إلى الاختلافات في نوع وحجم التدمير والظروف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والفجوة الزمنية والسياق التاريخي البعيد. من ناحية أخرى، بعد أن مر بأوقات عصيبة بسبب الحرب الطويلة الأمد التي دمرت بلدنا في العقود الأخيرة من القرن العشرين، شهد لبنان عملية إعادة إعمار يمكن أن تكون عونا كبيرا في مواجهة تحديات التراث الثقافي الحفاظ في سياق الانتعاش بعد الصدمة. وغالبا ما يتم إلقاء هذه التحديات على خلفية نظرتين متناقضتين: نزعة المحافظ التي تهتم فقط بالحفاظ على الوضع الحالي أو استعادة الموقف الذي كان سائدا قبل الكارثة واتجاه آخر يهمل أهمية التراث، مما يؤدي إلى فقدان في التراث الهوية الثقافية والقيم التراثية. ويظهر تقويم التجربة اللبنانية بعد الحرب أن الأمور أكثر تعقيدا من هذه الآراء التبسيطية”.

ودعا تابت الى أن “يكون توفير الحفاظ على التراث جزءا لا يتجزأ من عمليات الاستجابة الأوسع نطاقا التي تشمل التخطيط للتنمية المستدامة والاستدامة البيئية، فضلا عن الاهتمام بالقيم غير الملموسة التي تعتبر ضرورية لاستعادة التماسك الاجتماعي والحفاظ على الهوية الثقافية”.

وتابع: “في أعقاب الحرب العالمية الثانية مباشرة كانت القيم التراثية ترجع أساسا إلى اللحظات التاريخية والمواقع الأثرية والمجموعات المهمة من الأشياء التاريخية والفنية. ومنذ ذلك الحين، تم توسيع فكرة القيم التراثية لتشمل مجموعات أكبر مثل المراكز التاريخية والمناظر الطبيعية الثقافية والتراث العامي والتراث الصناعي وكذلك تراث العصر الحديث”، ولفت الى أنه “تم إثراء نهج التراث الحضري أيضا بتعريف مفهوم المناظر الطبيعية الحضرية التاريخية التي تعتبر المدن والمجموعات الحضرية نتيجة الطبقات التاريخية للقيم الثقافية والطبيعية والسمات التي تمتد إلى أبعد من دولة المراكز التاريخية لتشمل السياق الحضري الأوسع موقعه الجغرافي وكذلك الأبعاد غير الموروثة للتراث في ما يتعلق بالتنوع والهوية”.

واشار الى ان “هذا المؤتمر الذي يتناول جوانب مختلفة من ممارسات الحفاظ على التراث في لبنان ما بعد الحرب، يقدم فرصة لمناقشة القضايا الرئيسية المتعلقة بنظرية ومفاهيم التراث واستعادة المواقع الأثرية والحفاظ على المناظر الطبيعية الثقافية والهندسة المعمارية العامية، كذلك التراث الحضري التاريخي والسقيفة، تسليط الضوء على دور مختلف أصحاب المصلحة والوكالات العامة والمنظمات غير الحكومية والمهنيين والجامعات والمؤسسات الأكاديمية في تصميم وتنفيذ استراتيجيات متماسكة لحفظ التراث في سياقات الانتعاش بعد الحرب”.

كونو

وتناول رئيس “الايكوموس الدولي” الدكتور توشييوكي كونو “المشاريع الرائدة التي نفذت او هي قيد التنفيذ في المدن العالمية التراثية، لتحديد سياسة عامة من شأنها ان تدعم السلطات المسؤولة للحماية والحفاظ على تراثنا الوطني في كل البلدان”، واشاد ب”الدور الذي تقوم به ايكوموس لبنان في مجال الحفاظ على التراث اللبناني”.

داود
وتحدث راعي المؤتمر الوزير داود، فقال: “نجتمع اليوم في هذا المؤتمر العلمي الذي يشكل فرصة سانحة لأهل الإختصاص لتبادل التجارب والخبرات ويسهم في تسليط الضوء على أحدث الإنجازات والإكتشافات في مجال التراث الثقافي بكل أشكاله، ويسجل خطوة إضافية في مسيرة الحفاظ على هذا الإرث. لا سيما أن هذا المؤتمر تستضيفه نقابة المهندسين وتنظمه منظمة “الإيكوموس” في لبنان، بالتعاون مع وزارة الثقافة، ويستقطب كبار الإختصاصيين والمرممين في الآثار والتراث”.

أضاف: “نتباهى كلبنانيين بذاكرتنا الوطنية وبغنى بلدنا بالمواقع الأثرية والأبنية التاريخية المنتشرة في كل أرجاء الوطن، فلا تخلو منطقة لبنانية من أثر تركته الحضارات المتعاقبة على أرضنا. ولكن، هذا الإرث معرض للاندثار إذا لم نعمل على صقله وحفظه وترميمه، فالمخاطر التي تتربص به عديدة ومتشعبة الأهداف، لا نستطيع التغلب عليها إلا بتضافر جهودنا جميعا وباعتماد سياسة الإنفتاح والتعاون مع جميع الأطراف التي تعنى بالشأن الثقافي. وفي هذا السياق، تفتخر وزارة الثقافة بمشاطرتها مسؤولية الحفاظ على الإرث الثقافي مع منظمات محلية وعالمية، يشهد لها تاريخها في هذا المجال، وأخص بالذكر هنا منظمة “إيكوموس العالمية” برئاسة الدكتور توشييوكي كونو، و”إيكوموس لبنان” برئاسة الدكتورة جانين عبد المسيح، والتي تضم كبار الإختصاصيين المحليين في مجال الترميم، يقدمون الدعم الفني للمديرية العامة للآثار. وقد باشرت هذه المنظمة عبر هذا المؤتمر بنشر الوعي في مجال مبادىء الترميم والحفاظ على التراث”.

واشار الى انه “لا بد من التنويه بالعلاقة التي تربط وزارة الثقافة بنقابة المهندسين في مقاربتها بعض المواضيع الثقافية، كالتعاون في ملف الأبنية التراثية وتنظيم مشاركة لبنان في معرض “بيينالي العمارة” في البندقية”، وأعرب عن سروره “بأن أتقدم اليوم بالتهنئة إلى النقيب جاد تابت لتعيينه عضوا في “مجموعة المفكرين الرفيعة المستوى” التي وضعتها منظمة الأونسكو لتقديم المشورة والمساهمة في إغناء النقاش المتعلق بالاستراتيجية المتوسطة المدى للمنظمة، واشكر له مساهمته الفاعلة في كل النشاطات الثقافية”.

وتابع: “وإذ تحيي وزارة الثقافة الجهود المبذولة لتنظيم هذا المؤتمر، تتقدم بالشكر والتقدير لكل من ساهم في التنظيم والتحضير وللمحاضرين والمشاركين، ونخص بالشكر منظمة الإيكوموس في لبنان ونقابة المهندسين وجميع الأطراف التي تدعم وزارة الثقافة في مسيرتها”.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *