سجلوا عندكم

العالم العربي المعاصر والغليان المجتمعي

Views: 112

عبدالله العبادي

(المغرب)

يعيش العالم العربي المعاصر حالة من الغليان المجتمعي ومن الفوضى العارمة على كل المستويات. من حرب ومهجرين ونازحين وازمة غداء وازمة ماء الى انقلابات وانتخابات وتدخلات ومؤامرات تحاك هنا وهناك.

المجتمع العربي في مفترق الطرق لم يبنِ بعد دولته الحديثة ولم يهدم بعد الدولة العميقة. نعيش حالة تغيير مظلمة المعالم، من الصعب تحديد ما ستؤول اليه الاوضاع. في كل مرة يحدثونا عن اول انتخابات نزيهة ومبروك للشعب الفلاني ثم بعد مدة قصيرة يعود العسكر والنخب الاستبدادية لسدة الحكم. (Tramadol)

وتعاد الامور لتخلط الاوراق من جديد، للاسف لم نصل بعد لمرحلة فهم الذات ودراسة الواقع بطريقة سوسيولوجية واقعية وحقيقية حتى نفهم ما يمكن تفاديه وما يمكن حصوله وكيف نبني مجتمع الغد وبأي طريقة، وما الوسائل الضرورية والكفيلة بضمان عدالة اجتماعية وانتقال للسلطة بشكل حضاري وبشكل سليم.

فقد كتب ابن خلدون، وهو من رواد علم الاجتماع واحد مؤسسي السوسيولوجيا العربية، عن الدولة وعن المجتمع العربي قبل قرون.

فقد كتب في مقدمته الشهيرة في القرن الرابع عشرالميلادي:

 

 – عنـدمــا تـكثــر الجبــايـة تشرف الدولة على

  النهـايــة .

 

– وعندما تنهار الدول

يكثر المنجمون والمتسولون

والمنافقون والمدّعون..

والكتبة والقوّالون..

والمغنون النشاز والشعراء النظّامون..

والمتصعلكون وضاربو المندل..

وقارعو الطبول  والمتفيهقون ( أدعياء المعرفة ) ..

وقارئو الكفّ والطالع والنازل..

والمتسيّسون والمدّاحون والهجّاؤون وعابرو السبيل والانتهازيون..

 تتكشف الأقنعة

ويختلط ما لا يختلط..

يضيع التقدير ويسوء التدبير..

وتختلط المعاني والكلام..

ويختلط الصدق بالكذب

والجهاد بالقتل..

 

عندما تنهار الدول

يسود الرعب

ويلوذ الناس بالطوائف..

وتظهر العجائب وتعم الإشاعة..

ويتحول الصديق الى عدو  والعدو الى صديق..

ويعلو صوت الباطل..

ويخفق صوت الحق..

وتظهر على السطح وجوه مريبة..

وتختفي وجوه مؤنسة..

وتشح الأحلام ويموت الأمل..

وتزداد غربة العاقل وتضيع ملامح الوجوه..

ويصبح الانتماء الى القبيلة أشد التصاقا..

والى الأوطان ضربا من ضروب الهذيان..

يضيع صوت الحكماء في ضجيج الخطباء..

والمزايدات على الانتماء.

ومفهوم القومية والوطنية والعقيدة وأصول الدين..

ويتقاذف أهل البيت الواحد التهم بالعمالة والخيانة..

وتسري الشائعات عن هروب كبير..

وتحاك الدسائس والمؤامرات..

وتكثر النصائح من القاصي والداني..

وتطرح المبادرات من القريب والبعيد..

ويتدبر المقتدر أمر رحيله والغني أمر ثروته..

ويصبح الكل في حالة تأهب وانتظار..

ويتحول الوضع الى مشروعات مهاجرين..

ويتحول الوطن الى محطة سفر..

والمراتع التي نعيش فيها الى حقائب..

والبيوت الى ذكريات والذكريات الى حكايات.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *