كتابة التاريخ

Views: 70

خليل الخوري 

إنها أيام تاريخية في كل ما للكلمة من معنى.

وهو مفصل استثنائي في مسار هذا الوطن.

فما يحصل في الشارع غير مسبوق في لبنان. وربّـما هو غير مسبوق في أي بلد من بلدان العالم كونه لا يقتصر على العاصمة وعواصم المحافظات والأقضية بل يشمل المدن والبلدات كلها في مختلف الأنحاء اللبنانية…

والأهم من هذا كلّه نوعية الحراك الشعبي الشمولي.

أولاً – هو حراك غير طائفي. ولا هو مذهبي. ولا هو متعدّد الولاءات، أقله في الشعارات المرفوعة والمطالب المطروحة. (Valium)

ثانياً – الحجم الهائل للتظاهرات التي يقارب مجموعها. على امتداد رقعة الوطن، مليونين من الذين انخرطوا في الاندفاع الى الساحات.

ثالثاً – الدور البارز لعنصر الشباب الذي يشكل الأكثرية الساحقة من المتظاهرين.

رابعاً – لا زعيم يرفع على الأكتاف، ولا قائد أو رئيس حزب ترفع صوره وشعاراته. بل إن هؤلاء الزعماء والقادة غابوا عن هذه الصورة غياباً كاملاً لـ»يظهروا« في »صورة« مختلفة هي الحملات عليهم والانتقادات الموجهة إليهم، والحماسة الشديدة ضدّهم مرفقة بخطاب شعبي بالغ الانتقاد، وقد وصل أحياناً الى حدّ الإسفاف والشتيمة، ولكنّه عبّر عن ألم عميق وخيبة كبيرة، وحتى أسف مزمن.

خامساً – سقطت حواجز الخوف منذ الساعة الأولى للانتفاضة التي هي ثورة حقيقية بمقاييس الثورة كلها… والقيادات التي تناولها الحراك بحملات ضارية  ما كان أحد يظن أو يحلم ولو مجرّد الظن والحلم أنها ستكون على طاولة التشريح القاسي.

سادساً – والأعظم من ذلك كله أنّ الثورة سلمية مئة في المئة وهذه الحقيقة لا تقلل من شأنها ثغرة من هنا أو هفوة من هناك.

إنه الشعب الذي يكتب التاريخ.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *