الطرقات

Views: 503

خليل الخوري 

كان أحد السفراء الأجانب يزور مرجعية غير زمنية عندما دخل عليهما أحد المسؤولين لدى المرجعية مستأذناً وقائلاً: الشيخ سامي (الجميل) عميحكي وعمبيطالب بحكومة مؤلفة من وزراء مستقلّين استقلالاً تاماً عن القوى السياسية كلها. فحبكت مع السفير وقال ممازحاً: لازم يكون رئيس حزب الكتائب بدّو يجيب هالوزراء من المرّيخ. ودار حوار طويل بين الضيف والمضيف في هذه النقطة  بالذات (…)

طبعاً تشكيل الحكومة الجديدة رئيساً وأعضاءً ونوعية الوزراء هو حديث الساعة ليس بين سفير ومرجعية دينية وحسب، بل بين الجميع من كبار المسؤولين الى المتظاهرين في الشارع أيضاً…

ولكن أين هي الحكومة؟ بل أين صارت  مساعي  تأليفها؟ و هل إذا تألفت حكومة تكنوقراط (بأعضائها كلهم بإستثناء رئيسها الذي لن يكون خارج الدائرة الحريرية بشخص الرئيس سعد أو بمن يرشحه لهذه المهمة… ) هل يكفي ذلك لتتوقف الثورة المطلبية؟

الجواب بالنفي. ذلك ان تأليف الحكومة هو جزء من المطالب على طريق «كلّن يعني كلّن». فالخطوات محدّدة منذ اليوم الأوّل للنزول إلى الشارع في 17 تشرين الأول الماضي: إقرار ورقة إصلاحية، فاستقالة الحكومة، فتأليف حكومة غير سياسية ذات مهمتين: وضع الإصلاحات موضع التنفيذ ثم حلّ مجلس النواب، فإجراء الإنتخابات  النيابية خلال ستة أشهر، فانتخاب رئيس جمهورية جديد.

وفي إطار الوضع السياسي اللبناني المعروف بتنوعه الطائفي يبدو بعض هذه المطالب ممّا يدخل في دوّامة المستحيل.

فمن يتصوّر أنّ حكومة التكنوقراط قادرة على حل مجلس النواب؟

ومن يخطر له في بال أنَّ سقوط الرئيس  نبيه بري أمرٌ قابلٌ للتنفيذ بقرار من «وزير اختصاصي»؟ وإستطراداً من يحلم بأن هكذا وزيراً اختصاصياً او مجموعة وزراء اختصاصيين قادرون على إسقاط رئيس الجمهورية؟ وهل نسينا ما حدث في عزّ الحرب (عام 1976) تلك العريضة التي وقعتها أكثرية الثلثين من النواب لإسقاط الرئيس سليمان فرنجية فلم يكن لها أي فاعلية، بالرغم من أن البلد كان يشتعل بالقصف العشوائي والمتاريس وسائر «أفضال الميليشيات»؟…

وعلى سيرة الميليشيات  تنصل (ويتنصل) الثوار من قاطعي الطرقات الذين ازدادت تجاوزاتهم في مشهد تكرر أمس: طريق مقطوع على جانبه قوى الأمن «تشاهد» مرور آلية للجيش. تُجرى مفاوضات تستمر دقائق، تُفتح الطريق أمام  الآلية. هذا ليس مشهداً مألوفاً على كل حال.

إذا كانت الإنتفاضة الثائرة تتنصل  من قاطعي الطرق، وإذا كان دور قوى الأمن أن تتفرج على ما يجري عند نقط قطع الطرق، وإذا كان الجيش يفاوض لتجتاز إحدى آلياته طريقاً مقطوعاً… فمن هم قاطعو الطرق إذا كانت الثورة تتبرأ منهم؟

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *