ندوة في بلدية سن الفيل حول مكافحة الفساد وكلمات تشدد على استقلالية القضاء والرقابة والمحاسبة

نظمت جمعية “مدراء مؤهلون لمكافحة الفساد واستقلالية القضاء” ( لبنان)، محاضرة في قاعة محاضرات بلدية سن الفيل بعنوان “مكافحة الفساد واستقلالية القضاء”، شارك فيها عدد من القضاة والمحامين وخبراء محاسبة. أدارتها الاعلامية ايلديكو ايليا وتحدث فيها مدير المعهد الاميركي لمكافحة الفساد الدكتور مايك مسعود، النقيبة السابقة للخبراء المجازين جينا شماس، ومستشار المحكمة الجزائية لمحكمة التمييز القاضي منير سليمان.

شماس

بداية، رحبت شماس بالحضور خصوصا “بالذين خضعوا لدورات خولتهم بأن يصبحوا مديرين مؤهلين لمحاربة الفساد، رغم كفاءاتهم ومراكزهم، ومنهم ضباط في الجيش الذين نالوا أعلى علامات في دورة هذا العام، لمكافحة هذا الوباء الذي يتحكم بالدول منذ فجر البشرية ومن بينها لبنان، الا وهو الفساد، ونحن فخورون بتأهيلنا 42 مديرا لمكافحة الفساد وبذلك نكون الدولة العربية الاولى التي تملك هذا العدد المرتفع نسبة الى عدد سكانها”.

وتابعت شماس: “أستفيد من تصادف اليوم العالمي لمكافحة الفساد الذي حل منذ يومين، بإعلان انطلاق فعاليات منصتنا “مدراء مؤهلون لمكافحة الفساد” من لبنان ، والتي ستفعل اعمالها لتبلغ دول الجوار، ومكافحة الفساد سوف تتناول جميع اشكاله، ان كان في المؤسسات الخاصة او العامة، لذلك دوراتنا سوف تشمل المدارس وهنالك اكثر من 30 مدرسة وعدد من الجامعات أبدوا اهتمامهم في هذا المشروع”.

مسعود

ثم تحدث مسعود عن “مفهوم الفساد من منطلق المحاسبة العلمية التي لا يمكن انكارها كمفهوم جديد، بينما الفساد موجود منذ بداية البشرية”. وشرح كيفية محاربته وفق عشرة مبادئ. وقال: “ان مبدأ الـ”أنا” هو أساس انطلاق الفساد ومن هنا تصبح الـ “أنا” او حب الاستئثار لدى الفرد او المؤسسات دافعا لسوء استعمال السلطة التي اعطيت لهما”.

وشدد على ان “الفساد يتفشى حيث لا يكون هناك رادع، اي عندما يغيب القانون فيصبح الفساد متسيدا على القانون، لذلك المبدأ الاول في مكافحة الفساد هو سيادة القانون، والمبدأ الثاني يجب ان لا تكون الواسطة او المحسوبية اساسا للتعامل، المبدأ الثالث لمحاربة الفساد هو تواجد أنظمة رقابة داخلية فعالة، ضمن المؤسسات للوقاية من الفساد، اكتشافه، من ثم ردعه. المبدأ الرابع لمحاربة الفساد هو استقلالية القضاء بحيث تكون أحكامه فعالة وسريعة التنفيذ، ومن هنا يجب على القضاة الذين يتعاطون مع ملفات معينة، ان يتمتعوا بخبرات تؤهلهم لمعالجة هذه الملفات”.

واشار الى “المبدأ الخامس وهو المساءلة التي تتماسك مع السلطة وبذلك يأتي العقاب على قدر الافعال، المبدأ السادس هو الاستثمار في الوقاية من الفساد وتدريب الكوادر في المؤسسات على كيفية الوقاية من الفساد، وخلق استراتيجيات لمكافحة الفساد”.

وقال: “بما ان معايير الفساد متفاوتة فيجب ان نضع مقياسا للفساد كمبدأ سابع، بينما يشكل مبدأ حتمية العقاب المبدأ الثامن في مكافحة الفساد اي عندما يعلم المواطن او المؤسسة انه اذا ارتكب مخالفة سوف يحاسب حتما، المبدأ التاسع هو ان رفاهية المواطن هي الهدف من مكافحة الفساد لذلك لا حصانة على فاسد حتى بعد وفاته، واخيرا المبدأ العاشر ينص على مكافأة المواطنين الذين يكافحون الفساد وتخصيص جوائز لهم”.

سليمان

وشرح سليمان “خطوات عدة من اجل الوصول الى استقلالية القضاء خصوصا في الظروف المفصلية التي نعيشها، اذ عندما تتعثر السلطة يفقد المواطن حريته ومن هنا مبدأ استقلالية القضاء واهميته وهذا ما ينص عليه الدستور اللبناني”.

وشدد على “أهمية ان يكون للقضاء استقلال مالي عن وزارة العدل، اي موازنة مستقلة ما يحد من تدخلات السلطة السياسية في القضاء لأن السلطة وان سيطرت على القضاء تتبع سياسة الترغيب والترهيب، انطلاقا من مبدأ “أنت بحاجة الى المال مقابل ان تنصاع لرغبة السلطة السياسية”.

وشكا سليمان من “عدم مكننة الملفات، بالاضافة الى انشغال القضاة بتحصيل حقوقهم المادية، وهذا يفقدهم التركيز على ملفاتهم”، داعيا الى “انشاء دورات تدريبية للقضاة، لأن كل علم لا يتطور يندثر”.

وتحدث سليمان عن “مبدأ القاضي الطبيعي اي ان يحاكم المواطن من قبل محاكم مدنية وليس محاكم استثنائية من دينية او عسكرية”، مركزا على “دور الاعلام في التعاطي مع بعض الملفات”، مشددا على ان “القاضي يصدر حكما ولا يعطي رأيا في الملفات، لذلك وقائع محاكمات او نشر اسماء موقوفين عبر وسائل الاعلام هو امر غير مستحب، كما التعرض لشخص القاضي عبر وسائل التواصل لا يراعي الخصوصية القضائية”.

وختم متحدثا عن “القيود التي تعيق عمل القضاء، وهي الحصانات والسرية المصرفية”، شارحا عن الحصانات ومن يتمتع بها، وقال: “ان الحصانات ليست مطلقة وهي معطاة لمن يمارسها اثناء القيام بعمله، مثلا ان حصانة النائب تكمن في ممارسة عمله في مراقبة الحكومة والتشريع وخارج هذا الاطار فهو لا يملك حصانة”.