نقد وتعليق

Views: 1046

سمر الخوري

هذا الشاعرُ الشُمولي، يُذكّرُني بِ Santiago  بطل قصّة L’Alchimiste، للكاتب Paulo Coelho. وهذه الشخصية رمزٌ لمِنَ يَتْبَعُ قلبهَ، كما ويَتَتَبَّعُ إشاراتِ الحياةِ لِيِنْسُجَ أُسطورَتَه. وجودت حيدر ليس بعيداً عن المسارِ الجلجامِشيّ في سَعْيهِ إلى الحقيقةِ وتَشَبُّثهِ بالخلودَ.

د. كلوديا شمعون أبي نادر

 

د. كلوديا شمعون أبي نادر

 

جودت حيدر والبحث عن الذات

جودت حيدر… شاعر الشمولية المصطفاة. في بستانه الوردي حكايات عمر مفعم بالشذى والعبير. له في الشعر باللغة الإنكليزية مئة قصيدة وقصيدة. والحبل على الجرّار، يملأ بدلوه الكثير من الجِرار، والدنان، بأجود الخمور.
أيها الشاعر الغائب الحاضر، يا سيد العقود، شعرك الأجنبي  اليوم في حاجة إلى ترجمة. إبداعك العربي في حاجة إلى جمع وتقميش. كفى بالشعر غريقا في لجة التهميش.

جودت حيدر، أيها الباحث عن الكنز في الآفاق، وفي بلاد الإنكليز، كنزك في قلبك، وتحت دوحتك العربية. تبعت قلبك بحثا عن الغنى الروحي، في أرض الغربة. وكانت شجرتك وفيرة الغلال.

مئة قصيدة وقصيدة من روائع الأدب المكتوب بالإنكليزية، فاضت بها قريحتك الشعرية، حتى لقبك أحدهم بشكسبير العرب. غامرت في رحلات سندبادية مفتشا عن كنوز الأعماق. والكنز في أعماق ذاتك. بحثت عن عشبة الخلود في قصائد تزخر بالملامح الإنسانية، رقيا وآفاقا وتطلعات. كنت جلجامش القرن العشرين، كما وصفتك الصديقة الدكتورة أبي نادر. ولكن عشبتك لم تسرقها حية الزمان. وبقيت خالدا في قلوب من عرفوك وأحبوك رمزا للجودة والعطاء، بلا حساب.

البحث عن الحقيقة شعار رفعه جلجامش، وديوجين، وبروميثيوس، وسيزيف، وبولس العاصي طوق، وجبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة، وديستوفسكي، وشكسبير، خصوصا في مسرحية هاملت. تلك الحقيقة التي رسمت مسار العظماء ومصير الشهداء والأنبياء. ألم يقل السيد:الحقيقة تحرركم…

امشوا في النور ما دام معكم النور.

جودت حيدر، أيها النبي الأبي الآتي على أجنحة العنقاء،  ممتع بحثك عن الذات، في أوكار نسور لقمان. حياتك المديدة كانت لنا عبرة ورحيلك عبرات. هل قلت ما تريد قوله؟ هل أصبح بإمكانك العودة إلى أورفليس محملا بزاد المعاد والشوق والرجاء؟

قلت كلمتك ومشيت. ونحن بأمس الحاجة إلى روح تعاليمك الجبرانية تردد على مسامعنا ألحان نغم تائه ، في مخدع عشتار وأدونيس.

كلوديا شمعون أبي نادر، أيتها الزرقاء ، في معبد الحيدرية البرومثيوسية، لك منا الشكر على كلماتك الغنية بالحب، والفخر، والجمال. فجودت حيدر نبع غزير التدفق، عذب المنهل والعطاء. والوفاء له عودة إلى جذور الإبداع ، والحلم، والنقاء. في نقدك الثقافي متعة وفائدة. إنه الصخرة/حجر الزاويۃ، التي بُني بها قصر العطاء الفكري، والأكاديمي، رعاية للأدب في مختلف نواحيه ومذاهبه والتوجهات. ولنا أمل أن تنال كتابات الراحل الكبير ما تستحق من الاهتمام، حماية لها من الضياع، في عصر انقلبت فيه المقاييس، وسادت الطواويس ، ومات مجد اليراع.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *