المرحلة الحاسمة

Views: 588

خليل الخوري 

المديرية العامة لرئاسة  الجمهورية عمّمت البيان التقليدي الذي يصدر  بعد انتهاء الاستشارات النيابية التي أجريت طوال نهار أمس في القصر الجمهوري وانتهت بأكثرية  69 صوتاً  صبّت في مصلحة الوزير السابق الدكتور حسان دياب. والملاحظ أنّ البيان لم يذكر عدد الأصوات التي نالها دياب وتلك التي ذهبت إلى سواه. وتلك التي لم يُسم أصحابها أحداً. وهذه شبه سابقة إذ درج العرف على أن يتضمن البيان ذكراً لتلك الأعداد.

في أي حال المسألة ليست هنا. إنما اللافت جداً عدد النواب الذين لم يسمّوا أحداً لرئاسة الحكومة. وهو عدد كبير جداً. فأنْ يتمنع 43 نائباً عن التسمية ليس بالأمر البسيط الذي يمكن المرور عليه ببساطة. صحيح أنّ الذين تمنّعوا ينتمون إلى كتل نيابية بارزة أهمها كتلة تيار المستقبل وكتلة الجمهورية القوية (القوات اللبنانية) إضافة الى آخرين، إلاّ أنّ الرقم يفرض ذاته كائناً من كان وراءه، وكائناً ما تكون الأهداف من ورائه أيضاً.

إذاً، البلاد أمام حال لا يمكن التوقع في ما ستكون وقائعها وخواتيمها. خصوصاً وأنّ البلد في أزمة  متفاقمة وهو في غنى عن المزيد من الأزمات. ولكن يبدو أنّ  الخروج من المأزق ليس في متناول اليد، لا الآن، ولا في المستقبل المنظور. وفي تقديرنا أنّ الصراع سيبقى مفتوحاً في هذا الوطن ما دامت الأزمة هي أيضاً مشرّعة الأبواب على مصاريعها. وما دام هذا الوطن الصغير المعذّب يتلقى ردود الأفعال التي تشهدها الساحات الإقليمية كافة، وما دامت سياسة النأي بالنفس تبقى عموماً حبراً على الورق.

وتتوافق هذه المستجدات الحكومية مع استنفار كبير في الشارع، إذ  بدت ردود الفعل الأولية في معظمها غير راضية عن نتيجة الاستشارات النيابية التي أُجريت في القصر الجمهوري، وبدأت الساحات في العاصمة والمناطق تشهد تجمعات ترفع الشعارات المضادّة (…)،

والآن بات على الرئيس  المكلّف  أن  يثبت أنه قادر على تنفيذ ما ورد في بيان ما بعد التكليف الذي تلاه من منبر قصر بعبدا مساء أمس، والذي كان بمثابة بيان وزاري أبرز مضامينه أن ما بعد 17 تشرين ليس مثل ما قبله. وعليه أن يثبت هذه النظرية بالفعل.

إن أمام الرئيس المكلّف مساراً طويلاً محفوفاً بالمخاطر قبل التوصل إلى التأليف. وهو إذ يبدأ، غداً، لقاءاته مع رؤساء الحكومة السابقين، سيباشر استشاراته (غير الملزمة) مع النواب في ساحة النجمة قبل أن تبدأ المهمة الصعبة  في التأليف، علماً أنّ البعض يرى أنّ العملية  قد بُتت سلفاً، وأنها مسألة أيام معدودة وتصدر مراسيم التأليف. وفي هذا السياق كان لافتاً قول الوزير جبران باسيل، إثر مشاركته في الاستشارات، إنه غير مشارك في الحكومة وإنها ستكون حكومة اختصاصيين. فهل هذه إشارة الى التسهيل؟

إنها أيام حاسمة، وإنها مرحلة حاسمة، وإنها أزمة كبرى… والاحتمالات كلها واردة.

فلننتظر، والآتي قريب.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *