عندما الوطن منفى…

Views: 312

جوزف أبي ضاهر

تأكل المدينة أولادها، وتدفن القرية أولادها، تقف الحياة وسط الطريق بين المدينة والقرية.

2

يوهم الجلاد أهل المدينة بأن ما يفعله هو من أجلهم، من أجل حريتهم، من أجل سيادتهم… وحتّى من أجل مستقبل أولادهم، فيأخذ بهم التأثر:

­ كم يتعب في جلدنا، ونحن لا ندري!

3

يوهم الراعي أهل القرية بأنه يحمي قطيعهم من الذئب المفترس.

يقف أهل القرية مع أوّل غروب شمس إلى شبابيك بيوتهم.

صوت الذئب يقترب، يرفع الراعي عصاه يلوّح بها في الهواء، يهجم على الصوت، يهرب الذئب (!).

يرتاح أهل القرية، ويقفلون شبابيكهم.

في المساء، يذبح الراعي نعجة، ويأكلها نيئة… و«كاسكم»!

4

لا يطلب الفقير شيئًا، أما الغني فيطلب كلّ شيء.

يفتح الفقير أبوابه للشجر، للهواء، للعصافير.

… أما الغني فيقفل أبوابه: الشجر يأخذ من أرضه مساحة ظلٍّ، والهواء يأخذ من ترابه رائحةً ملء كفّيه، والعصافير نهمة لكلّ حبّة فيها حياة.

5

يشهد المقتول لنفسه، ويشهد القاتل لمن دفع به إلى القتل.

السكين فوق التراب يطلب المغفرة من القاتل والمقتول… ويطلب من الذاكرة النسيان.

6

عندما يصبح الوطن هو المنفى توحل الأرض بأشباه الرجال، ويصل المستقبل مكسور العشق، مثقوب الرغبة، فيختارون له بوابة، ويصلبونه فوقها.

Email: [email protected]

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *