ولكننا نعشق بيروت

Views: 5

خليل الخوري 

أعداء الثورة، إذا كان لهذه الانتفاضة الجميلة أعداء، لم يكونوا قادرين على الإساءة إليها قدر الإساءة التي طاولتها من أولئك الذين حوّلوا حراك ليل الثلاثاء – الأربعاء الماضي الى غزوة أقل ما يمكن أن يُقال فيها إنها بشعة جداً.

لسنا نحن من يدافع عن المصارف. ولا هذا دورنا.

ولسنا من يستطيب إدانة الحراك. فنحن لا ندينه وقد رحّبنا به وأثنينا على الحراكيين – المنتفضين – الثوار، وكتبنا فيهم وعنهم بحب وواقعية وآمال كبيرة معقودة عليهم…

لذلك نكتب ما نكتبه اليوم أيضاً بحب وواقعية.

فلأننا واقعيون ونحب الثورة نقول لقياداتها (الظاهرة والمخفية) إن ما حصل ذلك الليل المشؤوم أصابكم بغير مقتل مما لم يتمكن منكم أحدٌ بمثله. فصحّ فيكم القول المأثور: «من بيت أبي ضُربتُ».

ولأننا واقعيون ونحب الثورة نصارحكم بأن المشهد الذي دارت أحداثه على الهواء مباشرة في شارع الحمراء محا الكثير من الهالة التي كلّلت هامة الثورة منذ انطلاقتها في  17 تشرين.

ولأننا واقعيون ونحب الثورة نصارحكم بأننا استغربنا، وما زلنا نستغرب جداً، أن يكون الحدث المرفوض استمر يدور ساعات  طويلة من دون أن تتوجه أي فرقة أو جماعة أو مجموعة من الثوار لتقف في وجه الهجمات الشرسة التي  لا نريد أن نبوح بما «أُغدق» على منفذيها من توصيفات مؤذية، وهي التي استهدفت مصرف لبنان المركزي ومجموعة من المصارف اللبنانية! لقد كان من واجب الثورة أن تقف في وجه أولئك المنفلتين من كلِ  عقال والذين تعاملوا مع بيروت عموماً ومع شارع الحمراء تحديداً وليس مع المصارف وحسب (وإن كان من خلال الهجمة البربرية عليها)… تعاملوا معها بحقد لا يليق بالثوار. فالثورة فرح وقلوب بيضاء وصدور واسعة!

ولأننا واقعيون ونحب الثورة  نعلن أننا لسنا مغرومين بالمصارف، ولكننا من عشاق بيروت ولا نجد تفسيراً أو مبرراً لهذه الهجمة الحاقدة عليها من خلال عمليات تخريب موصوفة.

نعترف  بأننا لا نعرف من هو بل من هم، الذين يقودون الثورة (مباشرة أو غير مباشرة). ولقد يكون هنا بالذات سرّ الثورة، إذ  عندما نعرف من هم قادتها الحقيقيون قد نتمنع عن حبها لا سمح الله… وسيان أعرفناهم أم لم نعرفهم، فإننا نحضهم على أن يقوّموا (يومياً) أفعالهم سلباً أو إيجاباً، ما فعلوه وكان يجب ألاّ يفعلوا. وما لم يفعلوه وكان يجب أن يفعلوا… وأنّ تكون لديهم وسائط استطلاع رأي ليدركوا، بالرغم من تفاقم الأزمات حتى الكفر، إنّ الناس لم يعودوا على الحماسة ذاتها من هذه الثورة.

(Xanax)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *