ندوة في الجامعة الاميركية حول الإبادة الجماعية في ظل حرية التعبير وتنامي دور وسائل التواصل الاجتماعي

Views: 743

نظمت الجمعية الخيرية العمومية الأرمنية AGBU ندوة بعنوان “الإبادة الجماعية في ظل حرية التعبير وتنامي دور وسائل التواصل الاجتماعي”، في مبنى عصام فارس للسياسات العامة والعلاقات الدولية في الجامعة الأميركية.

غازاريان

وألقت أرين غازاريان كلمة AGBU، أشارت فيها الى أن الجمعية “تعمل منذ العام 2016 على مساندة الأمم المتحدة في إلقاء الضوء على قضايا التوعية في شأن الإبادة وحقوق الإنسان ودعم اللاجئين، وقد دأبت فروعها في مختلف أنحاء العالم على تنظيم ندوات ومحاضرات تهدف إلى الإضاءة على هذا الموضوع، ليس انطلاقا من المآسي التي تعرض لها الأرمن خلال تاريخهم فحسب، بل انطلاقا من الأحداث الراهنة في العالم”.

ياسين

من جهته، رأى مدير معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور ناصر ياسين أن “ثمة حاجة إلى المزيد من الأبحاث في شأن عمليات الإبادة، سعيا إلى الإضاءة عليها وزيادة درجة الوعي في شأنها، تجنبا لتكرارها”، ملاحظا أن “تكرار عمليات الإبادة يظهر أن العالم لم يتعلم من التجارب السابقة في هذا المجال”.

ولفت الى أن “الأخبار الملفقة والمزورة والمبالغ فيها والبروباغندا تعمل على بناء ذاكرة مغلوطة للتأثير على المشاعر والسلوكيات”.

وإذ لفت الى أن “خطاب الكراهية يعمق الانقسامات والتوترات”، قال: “نحن ضد أي رقابة، لأن حرية التعبير هي اساس العمل الأكاديمي ونظامنا القيمي، ولكن المسألة لا تخضع لمنطق أبيض أو أسود، بل ثمة مساحات رمادية في هذا الشأن ينبغي توضيحها”.

هالستين

وتحدث نائب الممثل الإقليمي لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة أولريك هالستين عن “إطار عمل حقوق الإنسان لمواجهة خطاب الكراهية”، فلاحظ أن “خطر الإبادة لا يزال قائما اليوم كما كان قبل 70 عاما عندما أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة شرعة تجريم الإبادة”، مستدلا على ذلك بما تعرض له الروهينغا في ميانمار والايزيديون في العراق.

وذكر بأن “الأمم المتحدة دقت ناقوس الخطر العام الفائت، إذ لاحظت زيادة في قوة خطاب الكراهية وانتشاره عالميا، وأنه أصبح سائدا في مختلف الأنظمة السياسية ويهدد القيم الديموقراطية والاستقرار الاجتماعي والسلام”، معتبرا أن “هذه الزيادة في خطاب الكراهية مرتبطة بتوافر فرص استخدام وسائل تواصل جديدة تجعل الظاهرة أكثر تشعبا وتعقيد”، مشددا على أن “التشريعات المطلوبة اليوم تتطلب جهدا ليس فقط من الحكومات، بل كذلك من الشركات الخاصة كفيسبوك وتويتر ويوتيوب”، مؤكدا في الوقت نفسه أن “العمل لمحاربة خطاب الكراهية يجب أن يحصل بطريقة لا تمس بحرية التعبير والاجتماع”.

ولفت الى أنه “على الحكومات واجب منع بعض أشكال خطاب الكراهية ومنها الدعوة إلى الكراهية القومية والعرقية والدينية ونشر أفكار قائمة على التفوق العرقي أو الكراهية العنصرية، وفي الوقت نفسه أن تضمن تطابق أي منع من هذا النوع، مع القيود المقبولة لحرية التعبير”.

وأوصى باعتماد “التربية على التعددية والتنوع، وتزويد الأحزاب السياسية ممثليها بقواعد توجيهية في شأن أخلاقيات مخاطبة الجمهور”، داعيا الى “تعزيز ثقافة التسامح والاحترام المتبادل”.

ابي شديد

وفي جلسة عن قدرة النظام الدولي على ضبط خطاب الكراهية والتحريض على الإبادة، تحدثت مديرة المركز الدولي لعلوم الانسان التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (أونيسكو) في جبيل الدكتورة دارينا صليبا ابي شديد عن “استخدام خطاب الكراهية للتحريض على الإبادة، من زاوية القانون الجنائي الدولي”.

وشرحت تعريف خطاب الكراهية وآثاره المباشرة وغير المباشرة، معرفة بالتحريض على الإبادة وفق ما نصت عليه اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها الصادرة عام 1948، عارضة للعناصر التي يتألف منها التحريض على الإبادة، والعقوبات التي يستتبعها.

ورأت أن “المحاكمات الدولية التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة لدول ورؤساء دول، عن جرائم إبادة، تعتبر محطة تاريخية في القانون الدولي، إذ أتاحت على الأقل إحقاق الحق والعدالة، وهذا تقدم كبير بالنسبة إلى ما كان قائما حتى الآن”.

المجذوب

وفي المحور المتعلق بالعبر المستخلصة من تجارب اليمن ولبنان والعراق وأرمينيا في شأن حرية التعبير وخطاب الكراهية، أقيمت حلقة نقاشية، استهلتها الباحثة في منظمة “هيومن رايتس ووتش” آية المجذوب بالقول: “إن القوانين المتعلقة بالتحريض والقدح والذم موجودة منذ بداية القرن العشرين، لكن استخدامها زاد بشكل مطرد منذ الحراك المدني عام 2015، إذ أن الطبقة السياسية ردت على الأفراد الذين وجهوا إليها اتهامات، وخصوصا في ما يتعلق بالفساد، من خلال التقدم بشكاوى ضد هؤلاء الأفراد”.

ونقلت عن مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية في قوى الأمن الداخلي إنه “حقق في 3599 شكوى قدح وذم خلال الفترة الممتدة من كانون الثاني 2015 وأيار 2019.

ورأت أن “القوانين المتعلقة بالتحريض والقدح والذم في لبنان مبهمة ولا تتطابق مع التزامات لبنان الدولية”، معددة بعض الثغر فيها. ودعت إلى “تعديل المادة 317 من قانون العقوبات كونها مبهمة، لكي تصبح متناسبة لالتزامات لبنان بموجب القانون الدولي”.

توما

أما أليكسي توما من معهد عصام فارس، فلاحظ أن “انتهاكات حرية التعبير زادت في المنطقة العربية بعد الربيع العربي، ولبنان يشهد الظاهرة عينها رغم أن حرية التعبير محمية بموجب المادة 13 من الدستور والتزام لبنان عددا من المواثيق والاتفاقات الدولية”.

وأوصى ب”إدخال إصلاحات على عدد من القوانين، تتمحور على صون حرية التعبير، ومنها مثلا جعل القدح والذم مشمولين بالقانون المدني، وإيجاد تعريف أفضل لماهيتهما”. كذلك اقترح “تدريب القضاة على مسائل الانترنت وحرية التعبير لتعزيز أهليتهم للنظر في قضايا من هذا النوع”. ورأى ضرورة “تحديد نطاق عمل وصلاحيات الاجهزة الامنية المختصة بشكل أفضل، كمكتب مكافحة جرائم المعلوماتية”.

الحاج

وتحدثت الناشطة والصحافية الدكتورة سلمى الحاج عن تجربتها في تغطية حرب الموصل وتحريرها، وعن الإبادة التي تعرض لها الأيزيديون في جبال سنجار. واعتبرت أن “الإعلام، بما فيه وسائل التواصل الاجتماعي، لم يعد السلطة الرابعة في الزمن الراهن، بل بات السلطة الأولى”.

هوسفلد

بدوره، المؤرخ الدكتور رولف هوسفلد من متحف Potsdam Lepsius House الألماني المتخصص في الإبادة الأرمنية، تحدث عن التحريض الذي رافق إبادة الأرمن، وعملية تبريرها وتحضير الرأي العام لها، واستذكر وقائع تاريخية في هذا الإطار شارحا أبعادها.

الأغبري

وقالت الصحافية والناشطة في مجال حقوق الإنسان اليمنية سامية الأغبري من منظمة “مراسلون بلا حدود”: “الخطاب التحريضي في اليمن ليس وليد اليوم وليس وليد الحرب الاهلية، إذ أن نبذ الآخر وتخوينه وتحقيره بدأ قبل الحرب”.

وأشارت الى أن “المصطلحات التحقيرية والتخوينية والتحريضية أصبحت مألوفة في وسائل التواصل الاجتماعي”.

الهندي

وفي جلسة عن مدى الحاجة إلى مقاربة جديدة للتوفيق بين حرية التعبير وضرورة حظر التحريض على الكراهية والإبادة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لفتت المختصة في السياسات العامة وحقوق الإنسان في “فيسبوك” شاهد الهندي الى أن “فيسبوك اصبح منصة اساسية لحرية التعبير”، كاشفة أن “شركة فيسبوك تمكنت بين تموز وأيلول 2019 من حذف 80 في المئة من المضمون الذي يصنف ضمن خطاب الكراهية، مستعينة في ذلك بتقنيات الذكاء الاصطناعي”. وأوضحت أن “الذكاء الاصطناعي أساسي في حماية المستخدمين، فيما تعمل فيسبوك كذلك على تحسين قنوات التبليغ عن الانتهاكات”.

نجم

وأوضح مدير المناصرة في جمعية “تبادل الإعلام الاجتماعي” (SMEX) محمد نجم أن “المساحة المدنية على الانترنت تفتقر إلى التنظيم وتشهد تغيرات يوما بعد يوم”، موضحا أنه “بعد العام 2011 أقرت في المنطقة العربية عشرات القوانين ذات الصلة بهذه المساحة، ولكن كلها في روحيتها تحمي الدولة وأعضاءها، في حين أن الأفراد المستخدمين هم الضحايا”.

ولفت إلى أن “لبنان يفتقر إلى قانون لحماية الخصوصية”، موضحا أن القوانين المتوافرة “تحمي الافراد من الشركات ولكن ليس من الدولة”، مؤكدا الحاجة إلى “سياسات أفضل وشفافية أكبر من الشركات، وإلى توعية أكبر للمستخدمين”.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *