الراعي في ندوة في روما حول المكرم الحويك: نحيي الحراك المدني المطالب بالدولة المدنية

Views: 7

نظمت الوكالة البطريركية لدى الكرسي الرسولي والمعهد الحبري الماروني والرعية المارونية في روما، ندوة عن المكرم البطريرك الياس الحويك، في كنيسة مار مارون في روما، في اطار برنامج عيد القديس مارون، برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وحضوره، وبالتعاون مع المؤسسة المارونية للانتشار، تحدث فيها أسقف الموارنة في باريس المطران ناصر الجميل، سفير لبنان لدى الكرسي الرسولي الدكتور فريد الخازن، الرئيسة العامة لراهبات العائلة المقدسة المارونيات الام انطوانيت سعادة، الخوري الياس الحلو، وأدارتها أمل ضو.

وحضر الندوة سفيرا أرمينيا وايران لدى الكرسي الرسولي غارن نازاريان، والدكتور سايد طاها هاسهيمي، قنصل لبنان في ايطاليا كوين ماريل غياض، بطريرك السريان الكاثوليك الانطاكي مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، كاثوليكوس كيليكيا للارمن الكاثوليك كريكور بيدروس العشرون كيرويان، الوكيل البطريركي لدى الكرسي الرسولي ورئيس المجلس الحبري الماروني المطران يوحنا رفيق الورشا ونائبه الاب هادي ضو، عضو مجلس دعاوى القديسين المطران فرانسوا عيد، الامينة العامة للمؤسسة المارونية للانتشار هيام البستاني ممثلة رئيس المؤسسة، رئيس مكتب روما فيكتور طراد، رئيس المجلس الاغترابي في بلجيكا مارون كرم، الدكتور جيلبر المجبر، العميد في الجيش اللبناني إميل نخلة، رئيس مكتب طيران الشرق الاوسط في روما مروان عطالله، ممثلو الرهبانيات اللبنانية المارونية في روما ، وأبناء الرعية ومدعوون.

الورشا

بعد صلاة الافتتاح، تحدثت مديرة الندوة عن اهمية هذا اللقاء ودور المكرم على الصعد كافة، ثم ألقى المطران الورشا كلمة رحب فيها بالحاضرين، وشكر للراعي رعايته وللمؤسسة المارونية تعاونها في تنظيم هذه الندوة، وقال: “بفرح وفخر كبيرين نستقبلكم في المعهد الماروني لنفكر معا بشخصية مهمة في تاريخ الكنيسة المارونية هي شخصية البطريرك الياس الحويك، مسلطين الاضواء على ابعاد متعددة في حياته على المستوى الشخصي والانساني والروحي والكنسي والوطني، اضافة الى كل ما قدم وحقق في المجال الاجتماعي من اجل الخير العام في لبنان ، ولخير الكنيسة في الشرق وفي اوروبا والعالم”.

ووصف المكرم ب “الشخصية المذهلة التي تركت بصماتها في حقبة دقيقة من تاريخ لبنان”، مشددا على “دوره الرائد من الناحية الكنسية والوطنية والسياسية دون ان ننسى الدور الحيوي الذي قام به في هذا المعهد الحبري في روما”.

واضاف: “لا يجوز ان نتناسى العذابات التي واجهها بقوة وحكمة وإرادة صلبة، فاتحا قلبه على السماء ليميز الارادة الالهية، فاتحا قلبه على الاخرين بروح الانفتاح والتضامن والحوار، فالصليب حاضر دائما في تاريخ الكنيسة المارونية، ولكن بالرجاء الذي أعطانا إياه المسيح الذي غلب العالم، سنبلغ السلام الحقيقي الدائم والعادل، فالتاريخ يعيد نفسه من نواح عدة، وما عاشه اجدادنا عبر التاريخ نعيشه اليوم في لبنان وفي الشرق الاوسط من إرهاب ونزوح واضطهادات وآلام”.

وختم: من الناحية الانسانية والافقية تبدو الاشياء معقدة، ولكن بعناية المسيح الرب وبشفاعة قديسي لبنان، شربل ونعمة الله ورفقا، ومن خلال ذوي الارادة الصلبة يمكننا ان نتخطى الصعوبات كافة، لانه بعد الصليب هناك المجد، وبعد الموت فجر القيامة”.

الجميل

وعرض المطران الجميل في مداخلته المراحل التاريخية والسياسية والدينية التي طبعت شخصية المكرم ودفعته الى صقل رؤية سياسية وكنسية ثابتة.

ثم تحدث عن ملابسات إعادة تأسيس المدرسة المارونية الحديثة بدعم من البابا لاوون الثالث عشر والبطريرك يوحنا الحاج، وركز على ما قام به البطريرك الحويك في استنهاض نقمة الحكومة الفرنسية من جهة، وهمة الكنيسة الفرنسية أيضا في ايجاد كنيسة للموارنة في باريس، وفي الحصول على منح دراسية للموارنة في إكليريكية سان سولبيس”.

ولفت الى أن “الياس الحويك لم يتوان عن الوقوف الى جانب فرنسا عندما نكبت بالطوفان سنة 1910، فطلب يومها من الرعايا المارونية كافة جمع المساعدات وارسالها الى ضحايا النكبة”.

وختم الجميل مذكرا بالتوأمة بين الابرشيات الفرنسية والمارونية وايجابياتها، في خلال القرن التاسع عشر إضافة الى استقدام المرسلين والمرسلات ونشرهم للعلم والتربية”.

الخازن

وتناول الخازن في كلمته، الظروف الإقليمية والدولية التي رافقت ولادة لبنان الكبير ودور البطريرك الحويك.

وقال: “ارتبط المكرم بالمرحلة الفاصلة بين 1918-1920، بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وسقوط السلطنة العثمانية وبروز طروحات جديدة لإنشاء كيانات دول في المنطقة”.

وأضاف: “كان لفرنسا وبريطانيا طروحات متنوعة وسياسات متقلبة رغم اتفاق سايكس بيكو الذي وقع سنة 1916 والذي أعيد النظر به بعد انتهاء الحرب. أما دور البطريرك الحويك فكان محوريا قبل عرضه المطالب في مؤتمر السلام في باريس وبعده، مترئسا الوفد اللبناني الثاني في سنة 1919، ومقابلته رئيس الحكومة الفرنسية كليمونصو، فبالنسبة الى البطريرك الحويك ان نشوء كيان دولة مستقلة عن أي طروحات أخرى كانت متداولة آنذاك تأتي في سياق تاريخي نشأ مع نظام المتصرفية في سنة 1861 وعكس ركائز القضية اللبنانية التي أرادها البطريرك تعبيرا عن المساواة بين مكونات المجتمع اللبناني. وخلافا للمطالبات الأخرى، تميز موقف البطريرك بثباته وبمتابعة حثيثة في مرحلة حافلة بالتناقضات في سياسات الدول الكبرى وفي الأوضاع غير المستقرة في المنطقة”.

وتابع: “واجه لبنان الكبير اعتراضات داخلية استمرت حتى أواخر الثلاثينيات، لكن سرعان ما بدأت تتلاشى مع إقرار الدستور في 1926، وأثمر التقارب الداخلي في ما بعد الاستقلال المتلازم مع الميثاق الوطني في سنة 1943”.

وختم: “لبنان الذي نشأ سنة 1920 رفعه البابا يوحنا بولس الثاني الى مصاف الرسالة في ما يخص الحريات والتعددية العام 1989، وهذا ما أراده البطريرك الحويك قبل نحو قرن”.

سعادة

وتحدثت سعادة عن روحانية البطريرك الحويك ورؤيته النبوية الكنسية، مستشهدة بما قاله الخوري منصور عواد معاصر الحويك وكاتب حياته: “ان سر نجاح الحويك في كل انجازاته يكمن بلا شك في اتحاده العميق بالله ومن محبته له، من حياة صلاة ورغبة بالاتحاد بالله وتتميم مشيئته والبحث عن رضاه، من روحانية البنوة للآب، والتسليم لعنايته الالهية، وطواعيته لعمل وإلهامات الروح القدس”.

واكدت ان الحويك “كان رجل المحبة بلا حدود، نبي عصره بالغيرة على كنيسته وعلى إخوته في الوطن دون تفرقة بين الاديان والجنسيات”.

واشارت الى ابرز ما عرف به الحويك، “الواعظ والراعي وخادم الفقراء، محامي العائلة ومؤسس جمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات، مجدد الكنيسة المارونية الساهر على تنشئة كهنتها ورهبانها، رجل الانفتاح والحوار والوحدة، مؤسس دولة لبنان الكبير”.

ودعت الى “الصلاة كي يمن الله، في هذه الظروف الصعبة بواسطة الحويك، شفيع العائلة والوطن، على لبناننا بالسلام والازدهار وعلى عائلاتنا وكنيستنا بالقداسة التي ترضي الله”.

الحلو

وتناول الحلو دور الياس الحويك والمدرسة المارونية الرومانية الجديدة، مشيرا الى أن “المكرم بذل جهودا كبيرة من أجل إعادة إحياء المدرسة المارونية في روما، وقد تكبد لأجل ذلك عناء السفر مرارا إلى إيطاليا وزيارة الآستانة ودول أوروبية سعيا وراء تمويل المشروع الذي كلفه به البطريرك، ليتعمق فيها موارنة في التعاليم الدينية ويتعرفوا على لغات الغرب ويتقنوها”.

وقال: “لم يقتصر اهتمامه على إعادة إحيائها، بل تابع أمورها الإدارية والروحية بعد افتتاحها، وهو في كل هذا على تعاون دائم مع البابا والبطريرك وبعض الكرادلة وآخرين كانوا مهتمين بهذا المشروع الحلم. ‏اهتمام المطران الحويك بالمدرسة لم يتوقف عند اختياره بطريركا العام 1899، بل تابع جهوده ورعاها بكثير من عنايته وأبوته”.

الراعي

وفي الختام، ألقى الراعي كلمة أعرب فيها عن سروره لما قيل عن المكرم في هذه الندوة، متحدثا عن 4 نقاط في سيرة حياة البطريرك الحويك وهي الوجه الروحي، الثقافة، التربية، الخدمة الاجتماعية والشأن الوطني”.

واشار الى أن “قوة البطريرك الحويك كانت بروحانيته وهو يدعونا اليوم كلبنانيين الى أن نفتح المجال لله في قلوبنا والعمل بواسطة الروح القدس لكي تتغير النظرة والقراءة، وان نخرج من ذاتنا لنرى الامور بطريقة أفضل”.

وقال: “معروف أن قيمة الشعوب بثقافتها، فالشعب الذي لا يمتلك الثقافة هو شعب من دون هوية، فالثقافة الروحية والعلمية كانت من أساسات لبنان ودعائمه وميزاته، وللاجيال الطالعة نقول أن قوتنا هي بثقافتنا وتربيتنا”.

وذكر في كلمته انه “عندما حصلت الكبرى حصلت في عهد البطريرك الحويك، وأبادت مئتي الف مواطن لبناني، فتح أبواب بكركي أمام الناس متكلا على العناية الالهية ورهن كل شيء في سبيل خدمة الغير، وعلمنا أننا عندما نكون أسخياء في العطاء وفعل الخير، لا نصل يوما الى الافلاس بل الى الغنى الاكبر، لذلك نحن مدعوون اليوم في لبنان، الى أن نفتح ايدينا كل حسب امكاناته لمساعدة إخوتنا كي لا يموت احد منهم من الجوع”.

واذ اعتبر أننا في لبنان “نعيش اليوم حالة ضياع على الصعيد الوطني”، حيا الحراك المدني الذي يطالب بالدولة المدنية، متسائلا: “هل يعرف هذا الحراك أن البطريرك الحويك هو اول من طالب بالدولة المدنية يوم قال أن في لبنان يوجد طائفة واحدة اسمها لبنان وكل الطوائف الاخرى هي المكونات لهذا اللبنان؟

وأضاف: “ان هذا يعني أن لبنان بأساسه هو دولة مدنية والانتماء إليه هو بالمواطنة وليس بالطائفة والدين، والميثاق الوطني أعطى روحا لهذا المفهوم وللدستور، في العيش معا مسيحيين ومسلمين بالاحترام والتعاون المتبادل، ولكن للاسف هذا المفهوم بدأ يزحل حتى أصبح لبنان بلد الطوائف، واصبح الانتماء الى لبنان من خلال الطائفة والمذهب، واليوم وللاسف اصبح من خلال الحزب ورئيسه”.

وقال: “على الحراك المدني الذي يطالب بالدولة المدنية، أن يطالب باستعادة هذه الدولة واستكمالها باللامركزية الادارية الموسعة ومجلس الشيوخ، وعندها فلتلغ المادة 95 من الدستور، والتي لا احد متعلق بها، فالمكرم النبي البطريرك الياس الحويك أرسى اساسات هذا الوطن، فلنعد اليه وتحل عندها كل الامور عند الكبار والصغار، علينا إزالة الغبار عن هذه الحقيقة الموجودة وعن هذه الجوهرة الثمينة التي أنشأت في لبنان، ليعود ويطهر الذهب جليا من جديد”.

وختم الراعي: “إن دعوة تطويب البطريرك الحويك وصلت الى نهايتها والكنيسة أعلنت انه عاش ببطولة الفضائل الالهية والروحية والانسانية، ويبدو أن هناك أعجوبة ستقدم من اجل تطويبه، ونحن نصلي ونأمل في مئوية لبنان الكبير أن هذه السنة سنة تطويبه ليعود ويعطي قيمة اكبر لهذا الوطن الجريح لبنان”.

بعد ذلك، قدم الراعي والورشا مجسما للبطريرك الحويك، للمنتدين، للبطريركين يونان وبيدروس العشرون ولممثلي الرابطة المارونية .

(https://insider-gaming.com/)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *