الجيش

Views: 291

خليل الخوري 

النزف الكبير في الشهداء الذي يتكبده جيشنا مع عصابات سرقة السيارات  والمهّربين وسائر الخارجين على القانون، في غير مكان من لبنان، وخصوصاً في المناطق البقاعية يزيد كثيراً عن الكلفة التي دفعها في مواجهته الإرهابيين في مناطق عدة خصوصاً في الشمال وجرود البقاع.

صحيح أن الجيش منذور للوطن، والقيام بالواجب العسكري دونه تضحيات كبيرة. ولكن هذا  الثمن الفادح من الشهداء والجرحى والمعوقين في الكمائن التي ينصبها لصوص السيارات  والمهرّبون والخارجون على القانون هو ما يدعو الى وقفة تأمل مع هذه الشريحة من المجرمين الذين لا دين لهم ولا ربّ، ولا شرف. وهم مجرّدون من القيم الإنسانية كلها. ولا نتحدث عن انعدام وطنيتهم، ذلك أن الوطن لدى تلك العصابات هو  المال الحرام وحسب!

والمسألة ليست مجرّد خروج على القانون، إنما هي، الى ذلك،  معضلة كبيرة. فالشهداء الذين يسقطون في صفوف القوى العسكرية بأعداد كبيرة سنوياً هم أبناء هذا الشعب قبل أن يكونوا أبناء المؤسسة الوطنية الكبرى، وبقدر ما لهم قادة ومسؤولون  عنهم في صفوفها، لهم أيضاً آباء وأمهات، وأبناء وبنات، وشقيقات وأشقاء، وسائر الأنسباء. ولهم فوق هذا وذاك زهرة الشباب المنذورة لأن تُقطف في مواجهة العدو، وليست ليقطفها شذاذ الآفاق من اللصوص والرعاع والمجرمين، فاقدي الضمير والإنسانية.

إن ظروف لبنان وأوضاعه عموماً تقتضي أن توكل المهام الأمنية الداخلية الى الجيش الذي يلبي الواجب  بحماسة واندفاع مشهود له بهما ولكن حالة الفلتان والأمن السائب في بعض المناطق، وخصوصاً المناطق، المتاخمة للحدود الشرقية (اللبنانية -السورية) تفترض تضافراً بين السلطة والقوى المحلية. وفي هذا السياق نريد أن نذكّر بما اتخذه حزب الله وحركة أمل من قرارات واضحة برفع الغطاء عن المرتكبين  خصوصاً في مناطق كثافة وجودهما الحزبي والشعبي. ولقد ثبت أنّ ذلك لم يكن كافياً… بدليل مضاعفة أعداد الكمائن التي نصبها المجرمون للقوى العسكرية، والتي من أسف شديد سقطت فيها كوكبة من الشهداء الأبطال كما حدث في نهاية الأسبوع الماضي إذ قضى أربعة من الشبان، فدفعوا ودفعت معهم المؤسسة العسكرية، وكذلك أهلوهم وأقرباؤهم… دفعوا الثمن الأغلى.

إن الجيش يجب أن يكون قدس أقداسنا في لبنان الذي كنا ولا نزال نعتبره العمود الفقري الذي لا قيامة للوطن والكيان من دونه.

نكتب هذا الكلام، والألم يعصرنا، على هؤلاء الشهداء الأبرياء الميامين الذين هم ضحية الإجرام والفساد والسلاح المتفلّت…

وليؤذن لنا أن نقول إننا لم نعد نأخذ ببيانات الاستنكار والشجب التي تصدر عن عشائر وقبائل وقيادات… وأن نشك كثيراً في ما يرد فيها من كلام منمّق أثبتت التجارب أنه مجرد رفع عتب لم يعد يرفع شيئاً.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *