القصة الكاملة والحقيقية لـ “عيد فالنتاين” 

Views: 515

تتبنى المواقع الكاثوليكية رواية مفادها أن جريمة فالنتاين كانت تزويج العشاق المسيحيين، في مخالفة لأوامر الإمبراطور كلاوديوس الثاني، الذي منع الزواج لاعتقاده أنه السبب وراء عزوف الشباب عن الخدمة العسكرية. كما تشير رواية أخرى إلى أنه نقل الرسائل بين المسيحيين في السجن. وقبيل إعدامه، ترك رسالة لامرأة شابة ذيَّلها بعبارة “من فالنتاين”، وهي اللفتة التي يُشار إلى أن عالم اليوم استوحى منها تقليد إهداء البطاقات للمحبين. 

3 أشخاص يحملون اسم فالنتاين!

وبالعودة إلى لنصوص التاريخية القديمة، تبين أن ثلاثة أشخاص يحملون اسم فالنتاين، قد تُوفوا في الـ 14 من شباط /فبراير، خلال فترة حكم الإمبراطور كلاوديوس الثاني، التي تمتد من عام 268م وحتى عام 270م، ولكن أياً منهم لم يزوج العشاق أو ينقل الرسائل بين السجناء المسيحيين.

 وتشير قوائم الشهداء المرتبة حسب تاريخ الوفاة إلى أن أحد الشهداء الثلاثة كان قائداً عسكرياً في أفريقيا، وتُوفي في ظروف غامضة صحبة قوة مكونة من 24 جندياً. والثاني هو فالنتاين أسقف بلدة تيرني القريبة من روما، أما الثالث فكان كاهناً رومانيا، وكلاهما عُرف بامتلاك قدرات خارقة على شفاء المرضى، وتجادل مع الحكام الوثنيين، وفقد حياته في روما.

 وطبقاً لسير القديسين، التي تعود إلى لقرنين الخامس والسادس، فقد استُدعي فالنتاين، أسقف تيرني، إلى روما؛ لعلاج نجل خطيب يدعى كراتون من مرض الصرع. وكان كراتون، الذي سمع عن تمكُّن فالنتاين من علاج حالات مماثلة، خطيباً مفوهاً درس الفلسفة الهلنستية وعلّمها لنجله. وحينما التقى فالنتاين كراتون، دعاه لاعتناق المسيحية، فحاججه الأخير بأن مفاهيم المسيحية مثيرة للسخرية، وبدأ الاثنان جدالاً انتهى باتفاق اقترحه الخطيب المفوه، مفاده أن تعتنق أسرته بالكامل المسيحية، في حال نجح الأسقف في شفاء نجل كراتون. 

 

وأمضى فالنتاين ليلته في الصلاة لنجل كراتون. وبحلول اليوم التالي، أصبح الشاب سليماً معافى، فقبل جميع أفراد الأسرة التعميد، واعتنقوا المسيحية. ولم يمضِ وقت طويل حتى وصل خبر الواقعة إلى مجلس الشيوخ الروماني، الذي ألقى القبض على فالنتاين وأمر بقطع رأسه. وتشير سيرة الأسقف إلى أن تلامذته، الذين ذهبوا لنقل جثمان الشهيد إلى بلدة تيرني، اعتقلوا على يد الجنود الرومان، ولاقوا المصير نفسه.

 وأما ثالث الثلاثة، فتشير سيرته إلى أنه كان كاهناً من روما، اعتُقل بسبب تبشيره بالمسيحية في عهد الإمبراطور كلاوديوس الثاني، الذي لم يمض وقتاً طويلاً في العاصمة روما؛ إذ كان منشغلاً بمحاربة الغزاة الجرمان، ولم يأمر، قط، باضطهاد المسيحيين. وأياً كان ما فعله فالنتاين لإغضاب الحكومة، فقد مثُل أمام كلاوديوس، وانتهز الفرصة للتبشير بالدين المسيحي. وأبدى كلاوديوس اهتماماً بكلام فالنتاين، في البداية، ولكن حاكماً يدعى كالبورنيوس حذر الإمبراطور بالقول: “انتبه، فأنت تُغرى باعتناق دين زائف”. وأرسل كلاوديوس فالنتاين للإقامة الجبرية في منزل أرستقراطي يدعى أستيريوس، بعد أن وعده بثروة طائلة إذا تمكن من إخضاع الكاهن بحجج مضادة للمسيحية. 

وبحسب سيرته، شرع فالنتاين في التبشير بعقيدة المسيح، منذ اللحظة التي وطأت فيها قدماه منزل أستيريوس. وبعد طول جدال، اشترط أستيريوس على فالنتاين شفاء ابنته الضريرة لاعتناق المسيحية، فوضع الأخير يده على عيني الفتاة، وطفق في الصلاة من أجلها حتى أبصرت النور. وتشير السيرة التي كُتبت، خلال القرن الخامس الميلادي، إلى أن فالنتاين نجح في تعميد أستيريوس و 44 شخصاً كانوا في منزله. وحينما اكتشف الإمبراطور كلاوديوس الأمر اعتقلهم جميعاً، وأمر بقطع رأس فالنتاين ومن آمنوا بالمسيحية على يديه. 

ولكن اللافت أن أياً من سير القديسين الثلاثة لم تُكتب قبل القرن الخامس الميلادي، أي بعد مئتي عام على الأقل من الفترة التي عاشوا فيها. كما لا توجد أي أدلة مادية أو مكتوبة، تعود الى المراحل التي سبقت العصور الوسطى، تربط بينهم وبين الحب أو العشاق؛ فقد ارتبط كل من فالنتاين أسقف بلدة تيرني، وفالنتاين كاهن روما بالشفاء وليس الحب، وعُرفوا، خلال القرون اللاحقة، كشفعاء للأمراض المستعصية؛ إذ كان الحجاج يأتون لزيارة قبريهما للتبرك والاستشفاء من أمراض كالصرع وغيرها. وربما يكون محبّو فالنتين الروماني قد بنوا كنيسة على قبره، في وقت مبكر من القرن الرابع. كما أطلقوا على بوابة مدينتهم اسم بوابة فالنتاين، التي تُعرف، اليوم، باسم بورتا ديل بوبولو. 

بداية الاحتفال بـ عيد الحب

ويعزو دارسو الأدب المعاصر تحوُّل فالنتاين إلى راعٍ للعشاق، وارتباطه بالاحتفال بيوم عيد الحب إلى قصيدة كتبها الشاعر الإنكليزي، جيفري تشوسر، عام 1380، تكريمًا لريتشارد الثاني، ملك إنكلترا، في عيد خطبته الأول على آن من مملكة بوهيميا، جاء فيها: “وفي يوم عيد القديس فالنتين.. حين يأتي كل طائر بحثاً عن وليف له، في مستهل الربيع الإنكليزي”. وافترض قرّاء القصيدة، على سبيل الخطأ، أن تشوسر كان يشير إلى الرابع عشر من شباط/فبراير باعتباره يوم عيد الحب. 

تشير الدراسات الحديثة إلى أنه لم تكن ثمة صلة بين القديس فالنتاين والحب الرومانسي، قبل إشارة تشوسر. وقد بلغ الأخير مبلغاً عظيماً من القدرة على التأثير؛ إذ عُدَّ أبرز الشعراء الإنكليز في فترة ما قبل العصور الوسطى، قبل عهد شكسبير. وعقب ذيوع قصيدته، تحوَّل الجميع إلى تبادل رسائل الحب، في الرابع عشر من شباط/فبراير، وبث القديس فالنتاين، الذي استحال شفيعاً للحب، شكاواهم من عذابات الوجد وفراق الحبيب.

 كذلك تحفظ لنا مسرحية هاملت لوليام شكسبير، تضرُّع أوفيليا للقديس فالنتاين وإشارتها لعيد الحب. وبحلول القرن التاسع عشر، تحوَّل العشاق من كتابة الرسائل بخط اليد إلى تبادل بطاقات محمَّلة بقصائد الحب، تستلهم رموزاً رومانية كالطفل كيوبيد ابن فينوس، إلهة الحب والجمال في الميثولوجيا الرومانية، وغيرها. وامتدت عادة تبادل بطاقات المعايدة إلى الولايات المتحدة الأميركية. وبعد رواج تجارة إنتاج بطاقات المعايدة، تطور الأمر إلى تبادل الورود والشوكولاتة التي يتم تغليفها بالساتان الأحمر وغيرها من الهدايا، ثم اتسع التقليد والتجارة، على حدٍّ سواء، ليشمل جميع الهدايا التي يقدمها، عادةً، الرجال إلى النساء. وفي ثمانينات القرن العشرين، شاع تقديم هدايا من المجوهرات الثمينة، لدى الطبقات الأرستقراطية، حتى أن تجارة الألماس كانت تشهد كثيراً من الانتعاش في الرابع عشر من شباط/فبراير.

***

(*) بي بي سي – ويكيبيديا

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *