في ذكرى رحيل أنسي الحاج

Views: 20

دلال غصين

ما بالُ حبرُ قلمي يتقطّعُ على أوراقِ رحيلِك؟ كيف لحروفي السيرَ نحو جسدٍ ودّعتْه الروح؟ كيف لحروفي الزاحفة بللاً، المترنّحة ثقلاً، أن تواكبَ جنازةَ طهرِ عقلِك؟…

  أيّها الأنيس بحكمتِك وفلسفتِك،  يا نعمَ الجليس الذي يؤنس أجساد النثر، كيف سمحتَ لهذا المتطفّل أن يقتربَ من سريرِ أبجديّتِك الساطعة في سماءِ الكلمة المنثورة لآلئ على شواطئِ الحُب والصخورِ السوداء ورمالِ الصحراء وكأنّها قطرة ندى تنعشُ قلوبَ العطشى؟… 

كيف، وأنت المزارع الذي نبشَ تربةَ الحنين، زرعَ فيها حبّة حنطة ذهبية لنحصدَ بركةً،  وكأنّها أنشودة صلاة وترنيمة خُلّدت لتحيّة قدّيس يسير على الأرض متّجهاً إلى فوق… ورودٌ بيضاء مزروعة  على دربِ الوداع وأنتَ تحيكُ من سلاسلِ الحروف أساورَ العروس لتلبسها معصم الحرية من موت الحياة وراء عتمة سيطر عليها الديجور، فأطلَّ حرفُك على بساطِ الريح يسطعُ كالنور؟.. 

انتُقدْتَ لأنّك تكتب الموت.. وها هو الموت يكتبُنا في كلّ وقت.. فهو ثقافة وفلسفة ونحن نتهكّم عليه ولا ندري قدْرَه.. والحبرُ يسيلُ من رحمِ الفكر في ظلّ اضطرابات نعمةِ  القصائد المتساقطة من غيم عطاءاتك…

 معك وبك أيّها الكبير سأبقى أبحثُ عن رجلٍ يحيي في نثره الموت ويموتُ في النثر… يرحلُ إلى هناك تاركاً لنا هذا الإرث المثري المؤنس…

 لا لن يرقد النثر بل سنقيمه إكراماً لك … 

إلى اللقاء يا أنســـــي !!! 

*في 19 شباط 2014

(sociobits.org)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *