الصبر والصمود

Views: 564

يجب الاعتراف لوزارة الصحة العامة وسائر الدوائر والوزارات والإدارات  ذات الصلة  بأنها تبذل جهوداً مشكورة في مواجهة وافدة «كورونا» التي حلّت ضيفاً ثقيلاً جداً على لبنان، كما على عشرات البلدان في الزوايا الأربع من هذه المعمورة. كما يجب الاعتراف لهذا الشعب اللبناني، الذي ابتلى المحن والأزمات، بأنّه اخذ يتغلّب على الرعب الذي سيطر في الأيام الأولى لاكتشاف الإصابات، فأنزله من مرتبة الذعر الى مرتبة الخوف الطبيعي. والدليل القاطع  ما تحفل به وسائط التواصل الاجتماعي، على خلافها، من الطُرف والمزاح الذي أكثره لطيف، خصوصاً اغاني العتابا والميجانا التي تحمل الكثير من الدلائل على حيوية اللبناني وقدرته على التعايش مع الأزمات، وهو الغارق فيها على المستويات كافة من «الكفاح» (… الحقيقي) في سبيل لقمة العيش بكرامة. إلى  ترقب القرار المسؤول حول سندات  «اليوروبوندز».

وليت المسؤولين الإيرانيين تعاملوا مع هذا البلد (ولهم فيه ما لهم من صِلات ومصالح كبرى) بحدٍ من المسؤولية عندما سمحوا لهذا «الڤيروس» المروّع أن ينتقل من عندهم إلينا، وذلك بعدم  تزويدنا بالحقيقة حول الأوضاع الصحية للذين أقلتهم «الطائرة الأولى».

بل ليتهم، أصلاً لم يسمحوا للمصابين بالكورونا ان يغادروا الأراضي الإيرانية إلاّ بعد اتخاذ الإجراءات المفترض اعتمادها.

وفي سياقٍ موازٍ ليت المسؤولين عندنا تعاملوا مع تلك الطائرة بما كان يفترض بهم من تدابير احترازية.

أمّا وقد وقعت الواقعة فيقتضي الإنصاف الإعتراف لوزير الصحة وسائر المعنيين بأنهم يحسنون التصرّف ضمن الإمكانات المتوافرة، بل يمكن القول إنهم، وطاقم مستشفى رفيق الحريري، يتغلّبون على الذات.

وبالرغم من هذه الإيجابية لا يجوز المرور على كيفية تعامل البعض مع الحال الوبائية بكثير من الجشع، وتقديم المصلحة في الربح السريع على المصلحة العامّة. مثال ذلك ما جرى بالنسبة الى الكمّامات، مع عدم الجزم بمدى فاعليتها… إلاّ أنها توفّر حداً من الطمأنينة النفسية في أقل تقدير.

صحيح أن الناس تهافتت على الصيدليات للحصول على الكمامات، والبعض كان مبالغاً في شرائه كميات أكثر من الحاجة. وربّـما كان هذا مفهوماً في الوهلة الأولى. ولكن الصحيح أيضاً أن البعض لا رب له ولا دين… مثال أحد التجار الذي استورد شحنة  من الكمّامات ولم ينزلها الى السوق المحلّية إنما صدّرها الى الخارج! وفي تقديرنا أن هذه جريمة يعاقب عليها المنطق الوطني قبل القانون.

في أي حال، أردنا أن نركّز في هذه العجالة على الإيجابيات، فاللبنانيون يكفيهم ما فيهم من قلق وخوف ويأس. ويكفيهم ما يحل فيهم من أزمات أخطرها الأزمة الاقتصادية –  المالية – الاجتماعية. وفي تقديرنا أن هذا الشعب الصابر يستطيع ان يتغلب على «الأزمة الصحية» الطارئة… ولكن المطلوب منه، أيضاً، أن ينجح في ضخّ الحياة في جسم هذا الوطن الذي يدخل في مئويته الثانية في القريب.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *