“حقوق بين الخطوط”… حكايتي مع الحدود اللبنانية الجنوبية

Views: 538

العميد الركن أنطون مراد

بدأت حكايتي مع الحدود اللبنانية الجنوبية بتاريخ 24 أيار 2000 عندما عُيّنت عضوًا في لجنة التثبّت من الانسحاب الإسرائيلي. بعدها كانت لي الفرصة أن أتابع هذا الملف بعد العدوان الإسرائيلي في تموز 2006 حيث كنت عضوًا في اللجنة الثلاثية التي كانت تُجري محادثات عسكرية غير مباشرة مع العدو الإسرائيلي لمعالجة القضايا التي تتعلق بالقرار 1701، وكنت في نفس الوقت عضوًا في لجنة الخط الأزرق وتسلّمت رئاستها مؤخّرًا، فشاركت في جميع مهام تعليم الخط الأزرق.

وجدت أن من واجبي الوطني سكب خبرتي الميدانية التي اكتسبتها خلال سبعة عشر عامًا ومعارفي التي كوّنتها من خلال الأبحاث والدراسات التي أجريتها حول هذا الموضوع، في كتابٍ يصلح كمرجعٍ موثوقٍ يوضع بتصرّف الأجيال القادمة وخاصةً المعنيين بملف الحدود، فكان كتابي هذا “حقوق بين الخطوط” الذي أرجو أن أكون من خلاله قد أدّيت واجبي الوطني.

قسّمت كتابي إلى أربعة أقسام بالإضافة إلى خلاصة عامة ومقترحات. تحدّثت في القسم الأول عن ولادة لبنان الكبير وعن الاتفاقية الفرنسية البريطانية التي على أساسها تم ترسيم الحدود اللبنانية الجنوبية للمرة الأولى بواسطة لجنة بوليه – نيوكومب، وقد صادقت عصبة الأمم على تقرير اللجنة في العام 1923 فأصبحت حدودنا معترف بها دوليًا. وشرحت بكل موضوعية إيجابيات هذا الترسيم والإشكاليات التي نتجت عنه.

تحدّثت بعدها عن ترسيم خط الهدنة في العام 1949. ورغم أن هذا الخط يتبع خط الحدود الدولية وفق المادة الخامسة من اتفاق الهدنة، إلاّ أن التنفيذ الميداني تسبّب بخسارة مساحات جديدة من الأراضي اللبنانية بسبب الفوارق بين الخطين. أوضحت هذه الفوارق بشكل دقيق وحدّدت المساحات التي خسرها لبنان من جراء هذا الترسيم وبشكل خاص في المنطقة الممتدة بين المطلة والجسر الروماني.

أما في القسم الثاني، فقد تناولت مرحلة التثبّت من الانسحاب الإسرائيلي في العام 2000، فشرحت كيفية دراسة الخط الأزرق ووضع الملاحظات عليه وتحديد الفوارق بينه وبين خط الهدنة، ثم شرحت تفاصيل عملية التثبّت الميداني من الانسحاب الإسرائيلي والإنجازات التي تمّ تحقيقها. وقد خصّصت قسمًا خاصّا لمقابلات أجريتها مع أصحاب القرار في حينه: الرئيس إميل لحود، الرئيس ميشال سليمان، اللواء جميل السيد والعميد أمين حطيط، وجّهت لهم عددًا من الأسئلة التي لم أكن أملك إجاباتٍ عليها وحصلت منهم على أجوبة اقتنعت ببعضها كما أنني لم أقتنع بالبعض الآخر، وقد أدرجت هذه المقابلات كما هي وبكل أمانة.

وفي القسم الثالث، تناولت عملية تعليم الخط الأزرق بعد عدوان تموز 2006، فشرحت بالتفصيل كيف انطلقت هذه العملية وكيف تمّ التنفيذ الميداني وشرحت الإنجازات التي حققها الجانب اللبناني في هذه المرحلة.

أما في القسم الرابع، فقد خصّصته للإشكاليات الحدودية الناتجة عن الخط الأزرق، فتحدّثت عن مناطق التحفّظ الثلاث عشرة، ثم تحدّثت عن بلدة الغجر والمنطقة المحيطة بها التي ما زالت محتلّة حتى الآن، كما شرحت موضوع جرّ المياه إلى هذه البلدة من نبع الوزاني. بعدها، شرحت حقيقة وضع مزارع شبعا حيث أظهرت أن الوثائق تؤكّد أنها لبنانية لكن في نفس الوقت توجد بعض النقاط التي تؤثّر سلبًا على مطالبة لبنان بهذه المزارع.

هذا في البر، أما في البحر فقد شرحت بالتفصيل المسألة البحرية التي نشأت في العام 2007 نتيجة الخطأ الذي ارتُكِب حين وقّع لبنان اتفاقية مع قبرص حول حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة بين البلدين. انطلقت من النقطة  رقم (1) أي بتراجع حوالي 17 كيلومترًا عن النقطة رقم (23)، فاستغلّت إسرائيل هذا الخطأ وسارعت إلى توقيع اتفاقية مماثلة مع قبرص. انطلقت أيضًا من النقطة رقم (1) فقضمت مساحة 860 كيلومترًا مربعًا من مياهنا.

بعدها، ضمّنت كتابي خلاصة عامة، ثم سلّطت الضوء على الثغرات التي يمكن أن يستغلّها العدو الإسرائيلي انطلاقًا من خبرتي وفهمي العميق لأساليب هذا العدو، وقدّمت مجموعة مقترحات لسد هذه الثغرات ومنع العدو الإسرائيلي من استغلالها في المستقبل. وختمت بالتشديد على ضرورة أن تبادر الحكومة اللبنانية إلى إعطاء ملف الحدود البرية والبحرية الاهتمام الكامل والعمل على ترسيم الحدود الجنوبية مع العدو الإسرائيلي، وكذلك الحدود الشرقية والشمالية مع سوريا.

***

(*) من مقدمة الكتاب

(*) ضمن إطار المهرجـان اللبنانـي للكتـاب  السنة التاسعة والثلاثون ، دورة مئوية دولة لبنان الكبير في الحركة الثقافية – انطلياس، يوقع العميد الركن أنطون مراد كتابه الجديد  “حقوق بين الخطوط” (الحدود اللبنانية الجنوبية تحولات تاريخية وإشكاليات حدودية)، بين الخامسة والسابعة مساء الخميس 12 آذار  في جناح المنفردون – منصة الحركة. وكان العميد الركن مراد أطلق جديده في احتفال أقيم في  قاعة بلدية الجديدة في 4 شباط 2020، تخلله التوقيع الأول للكتاب.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *