ندوة في الكاثوليكي للإعلام حول الوضع الاقتصادي والمالي وسبل المعالجة

Views: 401

عقدت ندوة صحافية في المركز الكاثوليكي للاعلام، بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام بعنوان “الوضع الإقتصادي والمالي، وسبل المعالجة”، شارك فيها رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران أنطوان نبيل العنداري، مدير المركز الخوري عبده أبو كسم، الأستاذ السابق في السياسات الاقتصادية في الجامعة اللبنانية الدكتور ابراهيم مارون، عميد كلية إدارة الإعمال في جامعة القديس يوسف الدكتور جورج عون، في حضور ألامين العام ل”جمعية الكتاب المقدس” الدكتور مايك باسوس وأعضاء من اللجنة الأسقفية ومهتمين.

العنداري

بداية رحب المطران العنداري بالحضور، وقال: “تتطرق ندوتنا اليوم إلى الشؤون الحياتية والمعيشية التي تقض مضاجع اللبنانيات واللبنانيين دون استثناء، وفي طليعتها الوضع الإقتصادي والمالي. فالمعاناة كبيرة على مستوى الوطن والضائقة المتوحشة تتنامى يوما بعد يوم والمسؤولون الفاسدون يتقاذفون الإتهامات، وأصبح المواطن ذليلا يستعطي ماله وجنى تعبه وعمره على أبواب المصارف ليحصل على الرغيف وقوت العيش”.

اضاف: “نتطلع بالرغم من بؤس الأيام إلى سبل المعالجة، لعلنا نفتح نافذة على مستقبل يخرجنا مما نتخبط فيه، ونرغب ألا يطول ليل الواقع كثيرا، رغم الدراسات والأرقام والتحليلات المجمعة على الدخول في النفق المظلم. وكأن الوضع الذي غرقنا فيه لا يكفي، فجاء وباء كورونا ليغزو البلاد والعباد بدل الجراد”.

وعن التطورات في موضوع “كورونا”، أكد المطران العنداري أن “المطلوب من المسؤولين في اي موضع كانوا – وأكثر من اي وقت مضى- ان يشددوا الرقابة على كل المرافق والأماكن، بما في ذلك المطار والمرفأ والمعابر الشرعية وغير الشرعية، ولا بد من مراقبة التجمعات ومن ضمنها داخل الكنائس والعائلات، كما لا بد من أخذ مبادرات الحيطة والحذر والتدابير الوقائية موقتا لمنع انتشار الوباء الذي يجتاح العالم”.

وأمل “أن تتخذ الأمور بجدية ومن دون تعليقات من هنا وهناك وكأنها مزايدات على الآخرين، لانه وأمام الصحة علينا أن نتوقى ونعتني بما يلزم، فالمسيح قال: “انتم هياكل الروح القدس”، كما أن تناول الدواء من قبل الإنسان لا يعني انه غير مؤمن”.

مارون

وتناول الدكتور مارون في محاضرته “الأزمات الثلاث التي يعاني منها لبنان، أي المالية والإقتصادية والنقدية، من حيث نشأة كل منها وتطورها وأسباب تفاقمها”، مقترحا لكل من هذه الأزمات “اجراءات تطبيعية (mesures d’assainissement)، أي تهدف فقط إلى إعادة التوازن المالي والإقتصادي والنقدي بأسرع وقت ممكن للبنان”، مستبعدا في الوقت الراهن “الإجراءات ذات الطابع الهيكلي (structurel)، أي التي تحدث تغييرات جذرية في القطاعات الإقتصادية”، معتبرا أن “دورها يأتي بعد أعادة التوازن”.

– الازمة المالية
وعن الازمة المالية، أوضح أن “الأزمة المالية المتمثلة بعجز الموازنة وتفاقم الدين العام، نشأت في العام 1993 جراء تمويل ورشة إعادة الإعمار، عبر إصدار سندات خزينة بمعدل فائدة تترواح بين 38 و 43 بالمئة. وساهم في هذه الأزمة الهدر الناجم عن التلزيم بالتراضي، أو من خلال المناقصات المزيفة لمشاريع إعادة الإعمار، فضلا عن الهدر في ملفي الكهرباء والمهجرين، وفي مجلس الإنماء والإعمار ومجلس الجنوب، وسوكلين… غير أن هذه الأزمة لم تنفجر إلا في العام 2018، حيث ارتفع الدين العام 5 مليارات و562 مليون دولار، وبلغ 85 مليارا و100 مليون دولار، من خلال عاملين على الأقل، هما: سلسلة الرتب والرواتب التي كانت مقررة ب- 800 مليون دولار، وبلغت حوالى ملياري دولار؛ والتوظيف الإنتخابوي (électoraliste) في القطاع العام لـ 5013 شخصا.
وبالرغم من هذا الإنفجار للأزمة المالية، وضعت الحكومة مشروع موازنة للعام 2019 يحافظ على جميع مزاريب الهدر، ومن بعدها موازنة عام 2020 التي تتضمن 34 مزراب هدر”، ذكر منها “13 مزرابا على سبيل المثال. هكذا، ارتفع الدين العام في لبنان من مليارين و994 مليون دولار نهاية 1992، إلى حوالى 88 مليارا نهاية 2019، أي بمعدل 13،3 بالمئة سنويا، ويبلغ هذا الدين حاليا حوالى 90 مليار دولار”.

واقترح الدكتور مارون “اجراءات لتطبيع الوضع المالي، هي الآتية:
“1- إعادة النظر بموازنة 2020 وتنظيفها من ال 34 مزراب هدر وإعادتها الى المجلس النيابي للتصويت على تعديلاتها.
2- إقفال 79 مؤسسة عامة غير مجدية، رديفة لوزارات وإدارات عامة، وإعادة توزيع العاملين المثبيتن فيها على الإدارات العامة حسب اختصاصهم، وإعطاء تعويضات صرف من الخدمة للمتقاعدين من بينهم.
3- الصرف من الخدمة لـ 5013 شخصا تم توظيفهم قبيل الإنتخابات النيابية الأخيرة، واعطائهم تعويضات صرف وملاحقة الذين وظفوهم على اموالهم الخاصة.
4- البيع بالمزاد العلني لآلاف السيارات الموضوعة بتصرف أفراد في الإدرات العامة والأجهزة العسكرية.
5- إقفال مراكز الأدارت والمؤسسات العامة التي فتحت في مختلف المناطق، من دون أي قرار من مجلس الوزراء.
6- تطهير إدارة الجمارك من الفاسدين فيها، المسؤولين عن تهرب جمركي يتراوح بين 1،5 مليار و2 مليار دولار سنويا.
7- الإمتناع عن أي إنفاق استثماري، باستثناء الإنفاق على إنشاء معامل لتوليد الكهرباء وعلى صيانة المعدات والبنى التحتية.
8- تخفيض الفوائد على سندات الخزينة، مع الإشارة إلى أن كل تخفيض 1 بالمئة من الفائدة على هذه السندات، يؤفر على الخزينة حوالى 800 مليون دولار سنويا.
9- فيض تخفيض رواتب ومخصصات الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين بنسة 50 بالمئة، وهذا ما وافقت عليه الأحزاب المشاركة في الحكومة، في إطار ما سمي بـ”الورقة الإصلاحية”.
10- تخفيض رواتب ومخصصات الرؤساء والنواب السابقين إلى 30 بالمئة مما هي عليه حاليا، وتخفيضها خلال السنوات المقبلة بمعدل 10 بالمئة سنويا لتصبح في السنة الرابعة ملغاة نهائيا.
11- تحديد 8 مليون ليرة لبنانية كسقف شهري للرواتب والأجور ومعاشات التقاعد في القطاع العام، وتخفيض كل ما يتجاوز هذا السقف حاليا إلى هذا السقف.
12- إخضاع القيمة الزائدة (plus -value)، أي أرباح العمليات العقارية وعمليات القطع للضريبة على الدخل.
13- توسيع صحن الضريبة على القيمة المضافة، لتشمل تجارة الأحجار الكريمة وتجارة المنازل الفخمة واليخوت.
14- استحداث ضريبة دخل مقطوعة على العاملين الأجانب، كما هو معمول به في سائر دول العالم.
15- عدم صرف مستحقات البلديات من الصندوق البلدي، قبل التدقيق المالي لحساباتها، بإشراف ديوان المحاسبة.
16- رفع مستوى الجباية الضرائبية وملاحقة المتهربين.
17- استرداد المال العام المنهوب من خلال محاكمات سريعة للفاسدين، سيما أنه أنجزت في الأسبوع الماضي التشكيلات القضائية الجديدة، مع التذكير بأن امتناع أي سلطة عن التوقيع على هذه التشكيلات الصادرة بالإجماع عن مجلس القضاء الأعلى، سيعتبره الخارج إمعانا للسلطة السياسية بالفساد، مما سيحرم لبنان من أي مساعدة خارجية لتجاوز ازماته.
18- التفاوض مع أصحاب الأبنية التي تشغلها الوزارات والإدارات العامة والجامعة اللبنانية، التي تعود ملكيتها بمعظمها لنافذين سياسيين، أو إلى مالكين مدعومين سياسيا، من أجل تخفيض إيجاراتها حوالى 150 مليون دولار سنويا.
19- فرض ضريبة على الأملاك البحرية والنهرية بمعدل 0،5 بالمئة التي من شأنها أن توفر 325 مليون دولار سنويا للخزينة، علما أن القيمة المقدرة لهذه الأملاك هي 65 مليار دولار حاليا.
20- شراء النفط حصرا من قبل الدولة، مما يوفر للخزينة 220 مليون دولار سنويا.
21- من الوفر الذي من شأنها أن تحققه هذه الإجراءات المالية، تخصيص الف مليار لشبكة الأمان الإجتماعي تتوزع على أقسام ثلاثة تالية:
– قسم يعطى على شكل مساعدات نقدية شهرية للخمسين ألف اسرة الأشد فقرا في لبنان، على أساس 400 ألف ل.ل. شهريا لكل أسرة، أي ما مجموعه 240 مليار ل. ل. سنويا.
– قسم ثان من 500 مليار ل.ل. يعطى للصندوق الوطني الإجتماعي، لتغطية جميع الأعمال الطبية من استشارة طبيب وأدوية وفحوصات مخبرية، لغير المضمونين صحيا في لبنان. ويستثنى من هذه التغطية الإستشفاء الذي هو على عاتق وزارة الصحة.
– أما القسم الثالث البالغ 260 مليار ل.ل.، فيضاف إلى موازنة وزارة الصحة، ليخصص منه 200 مليار من أجل زيادة القدرة الإستيعابية للمستشفيات الحكومية، أو لإنشاء مستشفيات حكومية جديدة و60 مليار للنفقات الجارية لهذه المستشفيات”.

– الأزمة الإقتصادية
وعن الازمة الاقتصادية، قال: “بدأت هذه الأزمة في النصف الثاني من العام 1996 على إثر أزمة في قطاع البناء، وكانت على شكل إنكماش اقتصادي (récession économique)، ومن ثم تحولت إلى كساد اقتصادي (dépression énomique)، بعد أن أقدمت الحكومة في العام 2000 على تخفيض جنوني للرسوم الجمركية التي أصبحت معدلاتها تتراوح بين صفر و5 بالمئة فقط على 86 بالمئة من السلع المستوردة، فأمست المعدلات الأدنى في العالم. وهذا ما استقطب المنافسة الأجنبية الشرسة وغير الشريفة (déloyale) أحيانا للانتاج الوطني وأدى إلى إقفاع المصانع بالمئات وإحباط للاستثمار في لبنان حتى اليوم”.

اضاف: “كما ساهمت وتساهم حتى الآن في هذه الأزمة عدة عوامل، منها معدلات الفائدة المصرفية التي تعتبر من بين الأعلى في العالم، وهي محبطة للإستثمار، تقلص الطلب على الإستهلاك بسبب تراجع القدرة الشرائية للمداخيل الثابتة وتفاقم البطالة، تراجع الصادرات اللبنانية إلى دول الخليج والأردن والعراق، بسبب الحرب السورية والرفع السوري لرسوم الترانزيت، غياب دولة القانون، إزمة قطاع البناء التي اندلعت في العام 2017 بسبب هروب الرساميل العربية والأجنبية المستثمرة في القطاع العقاري، على اثر الإنتخابات الرئاسية في العام 2016 والنيابية في العالم 2018”.

واقترح اجراءات لتطبيع الوضع الإقتصادي، وهي التالية:
“1 – السعي فورا لدى الدول الممولة لبرنامج “سيدر” للحصول على الأموال التي رصدتها لهذا البرنامج في نيسان 2018 والبالغة 11 مليار و6 مليون دولار، منها 10 مليارات و200 مليون على شكل قروض بفائدة 1،5 بالمئة، و660 مليون على شكل مساعدات، مع التذكير بأنه يستحيل على اي حكومة لبنانية الحصول على هذه الأموال، او على أي أموال أخرى من الخارج، إذا لم تطبق اجراءات مالية شبيهة بالتي ذكرتها.

2- في حال الحصول على هذه الأموال المخصصة لبرنامج “سيدر”، على الحكومة التفاوض مع الدول الممولة لهذا البرنامج، حول تغيير وجهة استعمال الأموال المخصصة له، بما يعزز الاستثمار والنمو الإقتصادي، من خلال إقراض 5 مليارات دولار من هذه الأموال، بفائدة 3،5 بالمئة للقطاع الخاص، على الشكل التالي:
– 2 مليار دولار للقطاع الصناعي
– مليار دولار للقطاع الزراعي
– مليار دولار لقطاع البناء
– مليار دولار للقطاعات الإقتصادية الاخرى، باستثاء قطاعات المصارف والتأمين والتجارة.

أما الستة مليارات المتبقية، تتوزع على القطاع العام، حسب الآتي:
– 3 مليار دولار لزيادة انتاج الطاقة الكهربائية
– مليار دولار للموارد المائية
– مليار دولار لحل المشاكل البيئية
– 500 مليون دولار لإنشاء مجمعات للجامعة اللبنانية
– 506 مليون دولار لصيانة البنية التحتية.

أما أهمية هذا التوزيع الجديد لأموال “سيدر” فتكمن في:
– ضخ ما لا يقل عن 8 مليار دولار في الإقتصاد اللبناني الإنتاجي، مما يعطي دفعا للاستثمار والنمو الإقتصادي.
– إن ضخ 8 مليار دولار في الإقتصاد الوطني من شأنه أن يوفر ما لا يقل عن 160 ألف فرصة عمل، بحيث أن كل 50 ألف دولار تستثمر في لبنان تخلق فرصة عمل واحدة.
– تحويل 49 بالمئة من الدين المترتب على الدولة جراء هذه القروض، إلى دين على القطاع الخاص.
– الفائدة المترتبة على هذه القروض، أي على العشرة مليارات و200 مليون دولار، يدفعها القطاع الخاص بكاملها.

3- إعادة رفع الرسوم الجمركية، إلى ما كانت عليه قبل تخفيضها في العام 2000، لكن فقط على السلع المستوردة المماثلة لتلك التي ينتجها لبنان، مما يوفر حد أدنى من الحماية للإنتاج الوطني، تشجع على الإستثمار في لبنان.
4- الإقفال التام للمعابر غير الشرعية على الحدود مع سوريا، حتى ولو اقتضى الأمر هدم الطرقات الآتية، من هذه المعابر، أو زرعها بالألغام، وذلك حماية للانتاج الوطني من جهة وزيادة الواردات الجمركية من جهة ثانية.
5- التفاوض مع سوريا لخفض رسوم الترانزيت على الشاحنات اللبنانية المتجهة إلى الخليج والعراق والأردن. وفي حال رفضت سوريا هذا الخفض، يجب معاملتها بالمثل، برفع الرسوم الجمركية على الصادرات السورية إلى لبنان واستعمال الزيادة في هذه الرسوم لدعم الصادرات اللبنانية عبر النقل البحري.
6 – الطلب من حاكم مصرف لبنان إصدار تعميم يخفض فيه معدلات الفائدة المصرفية على القروض، كما خفضها على الودائع، وذلك من أجل أعطاء دفع جديد للإستثمار في لبنان”.

الأزمة النقدية
ونسب الدكتور مارون الآزمة النقدية، إلى عاملين اساسيين، “العامل الأول هو عجز في ميزان المدفوعات بلغ 19 مليار و922 مليون دولار، بين 2011 وآخر حزيران من العام 2019، مما خفض بنفس القيمة احتياط لبنان بالعملات الأجنبية. ونتج هذا العجز عن العوامل الآتية: ازدياد العجز في الميزان التجاري، تراجع عدد السياح الآتين برا من سوريا؛ هروب الرساميل العربية والأجنبية التي كانت مستثمرة في القطاع العقاري؛ تراجع الإستثمارات الخارجية المباشرة (IDE) في لبنان؛ تراجع تحويلات المغتربين؛ سحوبات الودائع المصرفية وتحويلها إلى الخارج؛ تراجع الملاءة المالية للمصارف؛ تسديد استحقاقات الدين الخارجي… أما العامل الثاني الذي ساهم في هذه الأزمة، هو أزمة السيولة في المصارف، بسبب توظيف هذه الآخيرة، حوالي نصف موجوداتها في سندات الخزينة، وحوالي ربع موجوداتها كقروض للقطاع الخاص، وأصبحت اليوم غير قادرة على استيفاء ديونها على القطاعين العام والخاص؛ أضف إلى ذلك سحب الودائع من هذه المصارف، الذي بلغ حوالي 11 مليار دولار منذ أيلول الماضي”.

وأبدى خشيته من “تداعيات خطيرة على الوضع النقدي لقرار الحكومة بتعليق سداد استحقاق اليوروبوندز. أما الإجراءات النقدية التي اقترحها الدكتور مارون لتطبيع الوضع النقدي، فهي الآتية:
1- الإبقاء على القيود التي وضعها مصرف لبنان على السحوبات والقطع والتحويلات إلى الخارج، مع توحيدها لتكون هي ذاتها في كل المصارف، وهي ذاتها لكل المودعين، مهما كان حجم ودائعهم.
2- الحصول على أموال “سيدر”، وعلى قروض ومساعدات خليجية، ومن البنك الدولي والصناديق العربية، من شأنها إعادة تكوين وتعزيز الإحتياط اللبناني بالعملات الأجنبية، مما يتيح لمصرف لبنان البدء بتخفيف القيود على السحوبات والقطع والتحويل إلى الخارج، لتعود الحركة الإقتصادية إلى طبيعتها.
3- حظر التداول بأي عملة غير الليرة اللبنانية على الأراضي اللبنانية، مع السماح بدون قيد شراء العملات الأجنبية، أو ايداعها في المصارف. فبسبب هذا الأجراء، سيضطر المدخرون بالعملات الأجنبية، التحويل إلى الليرة اللبنانية، من أجل دفع مشترياتهم، أو دفع أجور وإيجارات، وما إلى ذلك من أنواع التداول، مما يرفع الطلب على الليرة اللبنانية ويرفع سعر صرفها تجاه العملات الأجنبية. عندئذ يغتنم مصرف لبنان الفرصة لشراء عملات أجنبية، من اجل تعزيز احتياطه الرسمي بهذه العملات.
4- تغريم المصارف التي هربت منها أموال للخارج، بعد صدور قرار مصرف لبنان المقيد لهذه التحويلات، والضغط على استرداد هذه الأموال إلى المصارف المحلية.
5- رفع الملاءة المالية للمصارف إلى 18 بالمئة على الأقل، من خلال موجوداتها الخارجية، والعمل على دمج المصارف المتعثرة”.

وختم محاضرته بالقول: “اعتماد هذه الإجراءات المالية والإقتصادية والنقدية، بحاجة لحكومات لا تخضع لإملاءات سياسية، وحكومات لا تتردد في اتخاذ القرارات الصعبة”.

عون

ثم تحدث الدكتور جورج عون عن “الأزمة الإقتصادية: الماضي والحاضر والمستقبل”، فقال: “أسباب الأزمة تتلخص ب :
1 – اقتصاد مرتكز على قطاع الخدمات السريع التأثر بالأزمات التي تعصف بالبلدان المجاورة وتداعياتها العديدة على لبنان.
2 – عجز مزمن في الميزان التجاري وعجز حديث في ميزان المدفوعات مع ضمور التحويلات من الخارج وتصاعد وتيرة الإنفاق.
3 – ومجموعة من السياسيين الذين استمالوا الناخبين عبر زيادة الإنفاق العام خلال السنوات الأخيرة (سلسلة الرتب والرواتب، توظيف عشوائي، خسائر متراكمة في المؤسسات العامة).

وعن الوضع الحالي للأزمة الإقتصادية، قال:
“1- نسبة الدين العام مقارنة بالدخل القومي من الأعلى في العالم.
2- عزلة لبنان اقتصاديا وعدم انتمائه الى منطقة اقتصادية على غرار دول تعثرت مؤخرا كاليونان وقبرص وإسبانيا.
3- الموازنة العامة لا تغطي الرواتب والأجور وخدمة الدين العام مما يولد عجز في الموازنة.
4- اقتراض الدولة اللبنانية أموال المودعين الموجودة في المصارف بواسطة الترغيب والترهيب (فوائد مرتفعة وضغط على المصارف).
5- هذا الوضع نتجت عنه البطالة وهجرة الشباب وشعور لدى المواطنين أن الأفق مظلم ويأس على كافة المستويات”.

وتحدث عن الحلول والآفاق لهذه الأزمة، فاشار إلى “إفلاس الدولة وعدم تمكنها من إيفاء التزاماتها ولا سيما أموال المودعين في المدى القريب؛ العمل على وضع موازنات لا تؤدي الى عجز في المالية العامة؛ جردة بموجودات الدولة وممتلكاتها وتقييمها تمهيدا للتعويض على المودعين؛ تحديث البنى التحتية بواسطة (BOT) وعدم الاقتراض لتنفيذ هذه المشاريع وخصخصة بعض المرافق العامة؛ وتخفيض حجم القطاع العام ودوره في الاقتصاد”.

ابو كسم

في الختام الندوة قال الخوري أبو كسم: “استمعنا اليوم إلى اصحاب الإختصاص لتنوير الرأي العام المسيحي ووضع الأصبع على الجرح من دون ارتداء القفزات، وتم الكشف بوضوح على ابواب السمسرات والتنفيعات والمحاصصة والنهب. وما سمعناه من أرقام مخيف، ويبين مدى الطواطؤ في عمليات النهب هذه والحلول التي طرحها الدكتور ابراهيم مارون، هي حلول منطقية، وندعو الحكومة الحالية دراستها للافادة منها”.

أضاف: “نحذر هذه الحكومة من مد يدها إلى جيوب المودعين الذين وضعوا جنى عمرهم في البنوك. مع العلم أننا نسمع تكرارا من المسؤولين أننا سنحافظ على حقوق صغار المودعين، فمن يحدد من هم صغار المودعين”.

وسأل: “ماذا عن أموال المسؤولين اللبنانيين المهربين إلى الخارج؟ وكيف سيتم استردادها؟ من سيستردها؟ والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا تأجيل تطبيق هذه الإصلاحات؟”.

وختم: “المدهش أن جميع المسؤولين السياسيين يعرفون مكامن الخلل، ويتجاهلون إيجاد الحلول، في حين أن الشعب يجوع والشباب اللبناني يهاجر، ولا من يرف له جفن”، معتبرا أن “التنصل من المسؤولية بعد اليوم غير مسموح، إما هناك مسؤول وعليه تحمل المسؤولية، وألا ينطبق عليه القول “مسؤول اللامسؤول”، فالحكم ليس وجهة نظر، إنما هو توكيل من الله لكل مسؤول في خدمة الناس، فلكل المسؤولين نقول: اتقوا الله وإلا اتكلوا عليه”.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *