حوار مع الله

Views: 658

د. أديب صعب

التشكيك، كما الايمان، حوارٌ مع الله لا ينقطع، حوارٌ مع إله نقترب منه فنجده أقرب إلينا أو نبتعد عنه فنجده أبعد عنا. لذلك نرى أن الحروب، الفردية والجماعية، التي أُعلنت على من اعتُبروا “غير مؤمنين” خلال التاريخ، حروب ظالمة. فالايمان الفعلي، مهما كان اسم الدين الموروث أو المفروض، هو، في النهاية، شأن شخصي بين الفرد وربّه، لا يأتي وراثةً ولا إكراهاً ولا إبدالاً لاسم بٱسم آخر. ومن الخطأ تصور التشكيك على أنه شر. فكم من ملحد أو مشكك كان إنساناً فاضلاً في كل أدوار حياته، كصديق وابن وزوج وأب وموظف ومواطن، وكم من مؤمن تَصرَّفَ على نحو سيئ خُلقياً في هذه الأدوار كلها. لكنْ إذا كان الايمان الفعلي لا ينسجم مع سوء الأخلاق، فإنّ حسْن الأخلاق لا ينسجم مع الالحاد الفعلي. وذروة الالحاد الفعلي أن يجعل الفرد، وإنْ كان “مؤمناً” اسمياً، من نفسه – أي من أهوائه ونزواته وسقطاته ومحدودياته – ربّاً يحاول فرضه على الآخرين.

—————————–

(*من كتاب “وحدة في التنوع”، ص 61-62)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *