مَا أوفىَ الوَفَا..وما أصفىَ الصَّفَا إلى أبعد من حدود الوجود

Views: 1006

د. السّفير محمّد محمّد خطّابي*

إلى ميّ يعقوب ضاهر ومارلين وديع سعاده

ما أجملَ الجمال..وما أوفىَ الوفا..وما أرقىَ الرقيّ.. وما أصفىَ الصّفا..الأديبة اللبنانية الرقيقة،والصحافية الحاذقة، والسياسية المُحنّكة، والروائية الألمعيّة ، والباحثة المثابرة الحثيثة الأنيقة ، المتواضعة فى سطوع.. والبسيطة فى خشوع ..الأستاذة ميّ ضاهر يعقوب لم تدّخر وسعاً، ولم تألُ جهداّ ، ولم تُخفِ إعجاباً ،ولم تنسَ وعداً،ولم تخلف عهداً فأرخت جداول وجدائل شلالاتها الزلاليّة المنهمرة ،وينابيعها المتدفقة ، لتثني وتطري وتقرظ عن جدارة واستحقاق ثناءً وإطراءً وقرظاً حسناً طيّباً صادقاً على صديقتها وصديقتنا الأثيرة الأستاذة الفاضلة مارلين وديع سعاده التي جمعتها بها صدفة ( الفيس) وشاءت الأقدار أن يلتقيا على ثبج وأمواج هذا العالم الأزرق البهيّ الأثيري البهيج، النديّ الغريب الأريج الذي يغبطنا ويفرحنا حيناً، بقدر ما يحزننا ويشقينا أحياناً أخرى،نتعرّف فيه ومن خلاله على صفوة من الصّديقات الكريمات، والخلاّن الأصفياء اللاّئي يُسْحِرْننا، والذين يسحروننا بإبداعاتهنّ وابداعاتهم الجميلة، وكلماتهنّ وكلماتهم البليغة ، وأدبهنّ وأدبهم الرّاقي الرّفيع، ومن بين هؤلاء وأولئك يتماثل دوماً نصب أعيننا وقبالة أنظارنا هذان الإسمان الجميلان ميّ ضاهر يعقوب ومارلين وديع سعاده .بأخلاقهما العالية ، وعطاءاتها السّامية، ورقتهما الشفيفة، وأحاسيسهما العفيفة، إلى جانب أسماء أخرى لامعة وساطعة نعزّها، ونقدّرها،ونحبّها ونجلّها ،وننظر إليها وإلى إبداعاتها  فى مختلف المجالات بإعجاب وإكبار .

مي يعقوب وميراي سعاده

 

ذكريات ومعايشات

وها هي ذي (مي ّ ضاهر يعقوب) تنثر من فرط طيبتها، وسموّ لطفها، ودماثة أخلاقها وروداً وزهوراً ،ورياحينَ وياسمين،وفلاًّ وقرنفلاً بكل سخاء على مواطنتها، وبلديّتها، وزميلتها فى درب الصفاء والنقاء والبهاء والوفاء والعطاء الرّائعة ( مارلين وديع سعاده ) مُنغمسة،ومُنهمكةً، ومُحوِّمة ومُرتشفة كالنحلة الحائمة، أو الفراشة الهائمة من رحيق كتاب زميلتها الجديد الذي زفّته لنا مارلين مؤخّراً فى عرس أدبيّ مخمليّ رائع مختارة له عنواناً جميلاً ومؤثراً ومثيراً ومعبّراً عمّا يعتمل فى مكنونات صدرها الطاهر من تطلعات، ومشاعر،وخواطر، وأحاسيس،وذكريات ومعايشات منذ طفولتها البرئية الأولى ،التي لا أقول عنها “البعيدة” لأنّ صاحبة الكتاب لمّا تزلْ تنعم ،وما فتئت تحفل وترفل فى أثواب الشباب، وتنعم فى حلل وأردية ريعان العُمر وشرخه،  فإذا بها تجعلها تقف ماثلة أمامنا بكتابها القيّم الرّصين (أبعد من حدود الوجود) وإذا الكتاب مرآة ناصعة ساطعة تنعكس عليها هذه الذكريات وهذه المعايشات، وهذه المشاعرالفيّاضة، والخواطرالمتدفّقة، ومن فرط لطفها، وحميد شيمها تضع هذه المرآة أمامنا لنتأمّل ونرى فيها ذكريات زميلتها فإذا بنا نرى شيئاً آخر غير ما رأت، نرى ذكرياتنا نحن، وكذا معايشاتنا،ومشاعرنا، وخواطرنا تتراقص، وتترنّح، وتصدح أمامنا فى جذل،وفرح، وانبهار ،وسرور بعد قراءة شذراتٍ وشذى هذه الأحرف اللجينية الملتاعة الملتهبة،فإذا بنا نسبح فى يمّ تعابيرها الجميلة بتأنٍّ، وتؤدةٍ، ،ونحتسي معانيها العميقة ، ونستنشق نسائمَ طيبها، وننتشي عطرَ عبيرها الفوّاح فى شغف ونشوة، وفى انسياق،واتساق، واشتياق ،وخشوع وخنوع ..منتشين متعةً،وروعةً، وبهاءً وسناءً من جمال هذا البيان الرفيع، وجلال هذا التبيين البديع .

 

باقات مزهرية ساحرة

إنّ ما كتبته الأديبة ميّ ضاهر يعقوب بيراعها العذب الخلاّق عن مارلين جاء فى كلمات آسرة، وباقات مزهرية موفية ساحرة، فإذا بالحروف اللاّزوردية التي ازدان بها كتابها مصطفّة مُتراصّة متساوية فى محفلٍ مخمليٍّ بلّوريّ بديع إكباراً لروعة إبداع زميلتها ومدى قدرتهما على إستغوار ،وإستبطان ،وإستكناه،واستبيان مضامين موضوع كتابها الجميل الذي طفق الشوقُ ينازعنا ،وبدأ الحنين يشدّنا إليه،كما لابدّ أنه فاعلٌ ولا ريب ذات الصنيع كلّ  من كان ذا حظوةٍ ، وقيّض الله له أن يقرأ تعليق الأديبة ميّ ضاهر يعقوب البليغ عن هذا الديوان النثري – الشعري الإفصاحي والإجهاشي الرقيق الذي تفضّلت بنشره مؤخراً مجلّة (Aleph-Lam) الزاهرة تحت عنوان : (شهادة في مارلين سعاده الإنسانة ) ،وإليكم غيضاً من فيض، أو قطرة من يمّ ممّا جاء فيه ، إنها تقول ملْء فيها وقلبها وروحها ووجدانها : ” بين الواقع المعيوش والخيال الأدبي، أتساءل أنا الآتية من عالم الصحافة وواقعِها، كيف يستطيع الشّاعر – الإنسان أن ينفصل عالمه اليوميِّ المرح إلى عالم آخر يرسمه بخطوط تشوبها الأحزان والآهات؟ لكأنّ الشّعر والكتابة لا يستويان إلا بمشاعر الحزن والكآبة التي تصيب وتر القلب وشغافه، وتحفر عميقًا بسكينٍ كلمات العشق والحبّ الميؤوس والذكريات الجارحة، من “ذكرى ارتعاشة قلب” إلى “ذكرى ابتسامة حبّ” إلى “ذكرى شوق لا ينتهي”، انتهتْ كلّها لأنّ “بوابة العبور أبدًا موصدة”، كما تكتبُ مارلين، “غزاها العشبُ وعرّشَ على جنباتها، علا وارتفعَ ولم يُزهر! ثم ذبل ومات تحتَ وهج الشّمس الحارقة”.  

***

(*) كاتب من المغرب، عضو الأكاديمية الإسبانية الأمريكية للآداب والعلوم – بوغوتا- كولومبيا.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *