تأمّل وصلاة

Views: 479

ميشلين حبيب

فلنقدّم الحجر المنزلي، الذي فُرضَ علينا بسبب تفشّي وباء الكورونا، إلى المسيح المصلوب، إلى الذي ارتضى الصلب من أجلنا. فنحن في حجرنا، ما زال بإمكاننا النوم والراحة، ما زال بإمكاننا شرب الماء وتناول الطعام وقضاء حاجتنا، وما زال بإمكاننا القراءة ومشاهدة التلفاز والجلوس مع أحبائنا والتكلّم معهم وربما ضمّهم وتقبيلهم. ما زال بإمكاننا التحرّك في أرجاء المنزل والقيام بعدّة أعمال، والتكلّم على الهاتف والتواصل مع الأصدقاء وغير الأصدقاء عبر الإنترنيت ومنصّات التواصل الاجتماعي؛ وما زال بإمكاننا الصلاة والتضرّع. أما الرّبّ يسوع المسيح فهو ليس مصلوبًا فقط وإنما هو مسمّر على الصليب؛ ذاك القادر أن يحرّك الأجرام السماويات بإصبعه والقادر أن يُخضِع الكائنات كلّها بيمينه، لا يمكنه الإتيان بأي حركة ولا يستطيع التكلّم من شدّة الألم والحزن. هوعطشان وجائع ووحيد ومتروك؛ لا يستطيع التحكّم بجسده، ولا يستطيع الرؤية من خلال عينه المنتفخّة بفعل الضرب، وبسبب الدماء السائلة على وجهه من إكليل الشوك المغروز في رأسه، وبسبب ألم الرأس الذي يسبّبه هذا الإكليل. لا يستطيع التنفّس بسبب ألم جَنبِه المطعون وصدره المجلود. ولا ننسى أنه، هو الأوسع من الكون، حُجِرَ لمدة ثلاث وثلاثين سنة في جسدنا البشريّ. 

 فلنتنازل إذًا ونقدّم حَجْرَنا المؤقّت إلى الرّب المخلّص الذي أعطانا بتجسّده وآلامه وصلبه وموته وقيامته خلاصًا أبديًّا. فلنشاركه بعضًا من ألمه في هذا الزمن العظيم، زمن الصوم وزمن القيامة، ولنخفّف من ألمه ولو قليلًا. فإنّ تَحَمُّلَنا لهذا الحجر المؤقت من أجله لا يُعدّ شيئًا في بحر آلامه وحزنه، لكنه هو، الخالق الحنون الشفوق ومحبّ البشر، يراه عظيمًا بعين حبّه الإلهي ويكافئنا عليه. 

إقبل ربّنا حَجْرَنا القسريّ الذي نعيشه اليوم في زمن وباء الكورونا وألْهِبْ قلوبَنا ونفوسَنا  بحبّك الإلهيّ واشفق علينا وارحمنا وخلّصنا. لك المجدُ والحبُّ إلى الأبد. 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *