الياس كوستا عايدي العالِم الفلكي

Views: 788

د. جان توما

كان تلميذي في مدرسة مار إلياس في ثمانينيات القرن العشرين، يوم كنت أرقب نجوم السماء، أتأملها، وأفكر كيف تطالها كفّي، قبل أن أتوقّف عن عدّها لتخفيف عدد الثآليل( التالول) على أصابعي حسب نصيحة عجائز الحيّ في خمسينيات القرن الماضي التي تقول: إن من يقضي الليل في عدّ النجوم تنزل كالثآليل على يديه.. 

أما اليوم في عشرينيات القرن الحالي، صرت تلميذًا عند العالِم إلياس، الفلكي في جامعة ولاية “ميشيغان” في” إيست لانسينغ” الذي يبحث في فضاء – ما زال يسحرني- مع فريق مؤلف من باحثين من أربعين مؤسّسة دوليّة، في” الجودة الاستثنائية لبيانات سمحت لنا بالتمييز بين التوهجات المتزامنة في ضوء الأشعة البصرية وضوء أشعة غاما، وهو ما يوفّر أدلةً مفادها أن موجات الصدم تلعب دورًا رئيسيًا في دعم بعض التفجيرات النجميّة”، كذلك من المهم الإشارة إلى أن هذا الاكتشاف الكبير تمّ الإعلان عنه عبر نشره كبحث في مجلّة ‪Nature Astronomy العريقة.

 

إلياس عايدي، ربيب الشاطىء البحري الميناوي امتشق انعكاسات العِلْم الفضائي ليسجّل اسمه في مشاريع ” ناسا”، بينما نحن هنا نستفيد من غزارة علمه وموسوعيته، وباقون على جمال مدينة الميناء و”ناسا”، ببساطة التمتّع بشكل القمر، وبعزفه مع فرقته النجوميّة في عطر الليل، وإيحاء الشهاب العابر كومضة ذكرى حبيب في الخاطر.

لنا فضاؤنا ولك فضاؤك يا إلياس، لنا فيه القصيدة والحكايات، ولك فيه القياسات وانفجارات المساحات. أنت بعلمك ستبقى سبًاقًا في تفسير النظريات، ورسم الخارطة الجينية لهذا المتًسع الذي نحن فيه. وأنتَ أنتَ أخذت من معارج أزقة الميناء بوصلة رحلتك في هذا الفضاء الواسع، ومن تقلّبات طقس بحر الميناء أخذت مصادر الريح والهواء وأصول الإبحار.

رحم الله والدك الشاب كوستا، لعلّه اليوم يضيء لك السبل الكونيّة فيما يبتسم من فوق، عزيزًا بوافر علمك وكثرة إعمال عقلك في هذا الكون، وأنتّ باقٍ على ودّك لفضاء مدينتك البحرية فيما عبرت منها إلى الجامعة اللبنانية وجامعتي سيدة اللويزة و القديس يوسف في بيروت، فإلى جنوب أفريقيا للدراسة، وصولًا إلى أميركا، مرورا بمختبرات العالم الفلكية.

حَلّق في فضائك، علّنا، إن زرتنا يومًا، نسرق بعض النجمات من جيوبك لنودعها أعيننا لنكمل… أحلامنا.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *