سجلوا عندكم

مِن نَشْرِ الخُزامَى

Views: 56

مُورِيس وَدِيع النَجَّار

قَرَأتُ في موقع Aleph-Lam.com، بِتاريخ 18 نيسان 2020، مَقطُوعَةً أَدَبِيَّةً لِـ «إِيمان ريدان»، بِعُنوانِ «بَينَ سَنَتَين».

لَم يَكُنِ اسْمُ هذه الكاتِبَةِ مَألُوفًا لَدَيَّ، فَقَد تَكُونُ جَدِيدَةً في دُنيا النَّشْرِ، أَقَلُّهُ بِالنِّسبَةِ إِلَيَّ، فَبَدَأتُ القِراءَةَ بِدافِعِ الفُضُولِ الَّذي سُرعانَ ما تَحَوَّلَ إِلى شَغَفٍ بِالمُتابَعَةِ، فَقَلَمُها يَنضَحُ بِالوِجدانِ الضَّافِي، ويُحَرِّكُ مَكامِنَ النَّفسِ، ويَحمِلُ في طَيَّاتِهِ مَواعِيدَ مِنْ شَذًا ونَدًى وأَقاح. فَفِي مَدَى أَسطُرٍ مَعدُوداتٍ كَثَّفَت أَدِيبَتُنا أَرقَى المَشاعِرِ، والرُّؤَى العَمِيقَةَ، بِكَلِمٍ يَتَلَفَّعُ بِجَمالِ البَساطَةِ، وبِالتَّعابِيرِ النَّابِعَةِ مِن شَغافٍ مَكلُومٍ، وبِنَظرَةٍ مُتَفَحِّصَةٍ ثاقِبَةٍ إِلى الحَياةِ وتَواتُرِنا على مَسرَحِها الأَبَدِيّ.

لَقَد استَبْطَنَت بِدُربَةٍ أَعماقَ امرَأَةٍ مُسِنَّةٍ تَتَرَجَّحُ بَينَ الوَعْيِ الخافِتِ واللَّاوَعْيِ، على سَرِيرِ السَّقَمِ المُتَمَلِّكِ عَلَيها، فَأَدرَكَت بِسَلِيقَةٍ سَلِيمَةٍ مُتَنَوِّرَةٍ كَيفَ يَعُودُ الإِنسانُ في أَواخِرِ خَرِيفِهِ إِلى ذِكرَياتِهِ يَمتَحُ مِنها ما بَقِيَ حَيًّا دافِئًا في الحَنايا، مُدَّخَرًا في القَرارَةِ العَمِيقَةِ زادًا وجِمارًا لِأَيَّامِ الصَّقِيعِ الآتِي. وأَجادَت التَّعبِيرَ، وأَتقَنَتِ اختِيارَ الأَلفاظِ ذَواتِ الدَّلالِيَّةِ الجَمالِيَّةِ، والصُّوَرِ المُعَبِّرَةِ، وشِحِناتِ النَّجاوَى الَّتي تَختَرِقُ السَّرائِرَ، فَتَجِيشُ بها الشَّرايِينُ المُتَبَلِّدَة.

وَقَد أَشارَت، بِلَمْحٍ واهٍ، إِلى العَلاقَةِ مع الآخَرِ مِنَ الأَحِبَّةِ، وإِلى الماضِي المُتَراكِمِ الَّذي يَحكُمُها عَنِ القَطِيعَةِ المُمِيتَة. تقول: «بَينَما دُمُوعِي انسَكَبَت على نَسَقٍ آخَرَ مِنَ النَّدَمِ، وتَأنِيبِ الضَّمِيرِ والحَنانِ مَعًا».

هي، حَقًّا، بارِعَةٌ في خَلْقِ بَدْعِ وازِنٍ مِن مَوضُوعةٍ تَمُرُّ عَرَضًا على مَن لَم يُؤْتَى نِعْمَةَ الحَرْفِ المُحْيِي.

هَنِيئًا لَها بِيَراعَةٍ تُحَرِّكُ الجَوارِحَ، وتُثِيرُ الشَّجا كَما تُثِيرُ الإِيناس.

وطُوبَى لِعُشَّاقِ الكَلِمَةِ السَّاحِرَةِ الأَخَّاذَةِ بِدِيباجَةٍ حَسَنَةٍ تَعِزُّ بِها الرِّقاعُ، وتَعُودُ إِلَيها النُّفُوسُ الجائِعاتُ إِلى ما يُشبِعُ القَلبَ والعَقلَ مَعًا. تَعُودُ إِلَيها بِشَوقٍ، فَتَتَلَقَّفُها الأَنامِلُ مِن على الرُّفُوفِ حَيثُ يُعلُو الغُبارُ الكَثِيرَ مِمَّا يُجاوِرَها مِن سَقَطِ  الكِتابَة. هي لا تَشِيخُ لِأَنَّ مَأواها القَلبَ، وتَتَغَذَّى مِن لَظاهُ، والقَلبُ لا يَجحَدُ عَواطِفَهُ الصَّادِقَةَ حَقَّها وَلَو كَرَّت أَجيالٌ على أَجيال. إِنَّها ثابِتَةٌ مُلازِمَةٌ لَهُ مُذْ تَكَوَّنَ في ضَمِيرِ الله.

أَلَا سَلِمَت رِيشَتُكِ لِلعَطاءِ المُجدِي، ولِلأَدَبِ الباقِي طَوِيلًا لِأَنَّهُ مِن مَعْدِنِ عاصٍ على الصَّدَأِ والتَّلَفِ، ومِن سَدِيمٍ شَفِيفٍ لا تُلَطِّخُهُ المَنازِعُ الوَضِيعَةُ، ومِن نَشْرِالخُزامَى، يَشُقُّ الصُّدُورَ لِيُنعِشَها بِالوَجْدِ والدِّفْءِ وأَنسامِ الحَياة.

وَسَلِمْتِ!

(https://www.redmanpowerchair.com/)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *