عالأوف مش عالأوف مشعلاني… أكثر من قصة والغناء يحلو في تراثنا

Views: 2994

سليمان بختي 

        تختلف الروايات  بشأن هذه الأغنية كالعديد من الأغنيات الفلكلورية الشعبية التراثية في بلادنا. وقد عُرِفَت هذه الأغنية  ورُدِّدَت في لبنان وفلسطين وسوريا والعراق .

هناك  رواية أولى للكاتب اللبناني أنطوان غندور وأيده فيها الفنان زكي ناصيف.و تقول الرواية أن رجلاً توفيت امرأته فعاش وحيداً غير مصدق أنها توفيت ، وكان يتخيلها بكل  شيء حتى وصل به  الأمر إلى حالة من الرعب والهستيريا، وكان كلما يحاول أن يرثيها يبدأ بكلمة أوف، ثم يعود  ليتذكر أن كلمة أوف تقال في حالة الفرح ليقول مش عالأوف .أما كلمة مشعلاني فيقال أنها تعني أن الأمر  سر وغير معلن أي “مش علني”. و بالتالي يكون مطلع الأغنية على هذا النحو “عالأوف مش عالأوف مش علاني”.و يؤكد الباحث مروان أبو نصر الدين هذه القصة في كتابه “الشعر اللبناني والغناء الفلكلوري”(2012).

 

أما القصة الثانية فتعود إلى الحرب العالمية الأولى عندما قبض الاتراك  على شاب  اسمه مشعل بتهمة الفرار من التجنيد  الإجباري (سفربرلك ) والذي فرضه الاحتلال العثماني. وتحولت الاغنية إلى مشعل  الشاب الأسمر الوسيم الحبيب راكب الفرس وحامل السيف، وأنه عندما عاد من الحرب للقاء حبيبته قبض عليه مجدّداً. فتغني الحبيبة شهامة مشعل وما سبّب لها من آلام وأحزان وتصور لوعتها لفراقه  فتقول :

عالأوف مشعل أوف مشعلاني                               ماني تبليته  هوي اللي بلاني

إن شفت مشعل جايي من الطاحونة                               يا خدود مشعل بالعطر مدهونة

يلبق لمشعل الفرس المزيونة                                           والسيف مجوهر والمرتين عرباني

ويوثق الباحث حسن أبو عليوي هذه الأبيات في كتابه “الأشعار الشعبية اللبنانية”.

ولكن هناك  قصة ثالثة يثبتها عوض سعود عوض في كتابه “دراسات في الفلكلور الفلسطيني” وفحواها شبيه بقصة الفرار من التجنيد الإجباري، والاختلاف هنا هو أن مشعل ذهب إلى الحرب تاركاً وراءه خطيبته التي انتظرته وراحت تذرف الدمع لفراقه وكأنها أحست بأنه لن يعود. ومع عودة العسكر لم يعد مشعل بل عاد حصانه برفقة أحد الجنود فوقفت تنشد:

يا ديرة مشعل يا دارة العلالي                            يا حصان مشعل يخطر بالليالي

و إن كان عالأيام حالك لحالي                                     ما بنسى مشعل طول عمري وزماني

و اللافت، أنه حتى  في النص الفلسطيني للأغنية ثمة مقطع يرجّح صحة القصة اللبنانية إذ يقول:

الله يزيلك  يا غراب البيني                                                       فرقت ما بين حبيبي وبيني

وإن جيت صوب الدار بكيت عيني                            ونزلت دموعي ع ربعي وخلاني

و هناك  قصة من بيروت أوردها عبد اللطيف فاخوري في دراسته “الأغنية الشعبية في بيروت” ونقلا عن أحد المعمرين  في راس بيروت أن إحدى الامهات فقدت ابنها غرقًا وكان اسمه مشعل  على  شاطئ منطقة شوران  وكان يسمى (بحر شوران)  وكانت ترندح تلك الأغنية وعلى شكل ندبة ، فقالت  :

عالأوف مشعل أوف  مشعلاني                                   مع السلامة يا أهلي وخلاني

عالاوف مشعل وين تارك  إمك                                   تندب فراقك  ع بحر شوراني

 

و لكن من غنى  هذه الأغنية في تراثنا؟

غنتها فيروز  في سهرة تلفزيونية عام 1966 ولم تسجل اسطوانة  بحسب المؤرّخ الفني محمود زيباوي، وغناها نصري شمس الدين عام 1957  ومن كلمات توفيق بركات وأعد اللحن ووزعه منصور رحباني.

و تقول الأغنية:

 عالأوف مشعل أوف مشعلاني             راعي المهاري الشب الأسمراني

عابال مشعل ديرتنا عابالو                                        ومشعل ورمحو والليل وخيالو

سهران بخيام المعالي يطالو                                 ويحكو عن مشعل والسيف اليماني

وغنتها أيضًا المطربة حنان  ومن كلمات الشاعر  محمد علي فتوح،  وغنتها الين خلف وايمي خوري.

وغناها من سوريا الفنان صباح فخري و الفنان محمد خيري، ومن فلسطين أمل مرقص وريم البنا .

 

 والأغنية تتألف من مطلع وأدوار. أما  الوزن فعلى تفعيلات البحر المتدارك. هذه الأغنية بحكاياتها المتعددة هي لمشعل واحد ولكن تعددت الأنوار والتجليات والأسباب والأسرار والكلمات، ولكن اللحن بقي يتردد. 

ولعل هذا  البيت  فيه  يٌختَصَر السرّ ويشرح  قصّة الحبيب الذي لم  يأتِ، والذاكرة التي لا تُنسَى، والقلب الذي يقع فريسة الشوق، والاحداث المتشابهة  في بلانا .

يا ويل ويلي والولف ما جاني                 ما كنت احسب يا حلو تنساني

وتعلو الأوف من جديد لترددها المجموعة و نرددها كلنا، وما هم القصة والزمن.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *