إيليا أبو شديد… بركان مشاعر “سكران، مطفي، منهنه، وتعبان”

Views: 572

د. جيمي عازار ملكي

*18 أيار ذكرى غياب الشاعر إيليا أبو شديد

يستحق إيليا أبو شديد اليوم وقفة تأمليّة، هو “البحّار الذي لم يقبض الدني عن جد”،  لوّن حياتنا بالصّور الشعريّة كي لا تقع الأيّام في فخ النظريّأت والعقد.

إنّه الأصيل الذي تأمّل في الماورائيّات ليرتبط أكثر بالأرض، ويعمّق إحساسنا بهوية الوطن قبل الإنسان. لقد رسم مسار العمر من اللحظات الأولى وحتى الرّمق الأخير متعاليًا على حاجات البشر التقليدية العبثيّة، وإن أصيب بسهام الذكرى:

“سكران، مطفي، منهنه، وتعبان، ماشي…

وعرض الدرب ما بيكفي،

ياما سندت كتفي على حيطان

وياما سندت حيطان ع كتفي”.

وأختار اليوم فصلًا بسيطًا من كتابي ” الكائن والكينونة والبعد الحضاريّ في شعر إيليا أبو شديد” لنتذكّر مبدعًا يقول:

” الشعر لكبير بدّو: حبّ كبير، أو ألم كبير، أو قضيّة كبيرة..”.

الشاعر ايليا أبو شديد

 

*قضيّة البطل / الحلم:

هو الغاية المطلقة التي ينشدها كلّ ثائر يجوب غمار الأيام، فكلّ إنسان يرسم حلمه منذ نعومة أظفاره ويحرّك فيه أبطاله بحسب نواياه. وإيليا أبو شديد جسّد فكرته الأولى في حلم التحليق عاليًا في عالم نورانيّ ، وهذا فعل بطولة:

” إنت وأنا، يا ريت فينا نطير

ع جوانح عصافير

ع مطارح ال ما في حدا

خلف المدى

خلف آخر صوت من آخر صدى!

والشّمس تحملنا

وتغزلنا …

حرير!!!” ([1])

ومراسيم اللقاء تذكرنا بأحلام الشعوب التي رسموها حول عودة أدونيس، وقد تحدّث “رينان” كثيرًا عن هذا الموضوع، ورأى في انتظار عودته حلمًا ملؤه اللذة الحسية والجمال.

غلاف كتاب ” الكائن والكينونة في شعر ايليا أبو شديد”

 

وفعل الترقّب يقوم على الأمل بخاصة في حركة الطبيعة وتبدّل المواسم والفصول.

ويقارب الحلم الشفوف، وقد قارب أبو شديد فكرة اختفاء أدونيس لفترة من السنة وعودته في القسم الثاني عندما حوّل البطولة الحلم إلى المجرّد المحسوس الذي يخبئ ربيعًا زاهيًا:

” ومتل الغيوم نضيع

يفرّخ بها الجو… الرّبيع” . ([2])

هي حركة الطبيعة التي تشبه العيد الفينيقي لأدونيس الذي كان يقام في الربيع، فالحياة تنقسم بخيرها وشرّها إلى ما قبل الحال، حيث الحلم الأزلي بالاتحاد المطلق:

” والريح تاخدنا … تمرجحنا

تبيعد مطارحنا

تصير الدني … نحنا!!

ونحنا نصير

مشاوير حب.. تجدّد مشاوير!” (1)

جانب من المشاركين في احتفال توقيع كتاب “الكائن والكينونة في شعر ايليا ابو شديد”

 

عالم ” إيليا أبو شديد” متحوّل يشبه حاله المتحرّكة والقلقة، لكن الجماليات هدأت من روع الصور المتصارعة لتصبح القصائد ساكنة في مكان ما، وثائرة عند انفجار بركان المشاعر.

” إيليا أبو شديد” كنت ريشة في مهب الفكر، ونشيدًا من ثورة الحياة، ومررت بخفة وألق في أذهان أصحاب الفكر والفن، ولا زالت ذكراك تلمع كما قلمك في صحوة الأيام.

***

1-إيليا أبو شديد، شعر، ص 87

2-المرجع نفسه ، ص 88.

(Xanax)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *