أول قراءة للنفس تبدأ  مع فنجان القهوة

Views: 396

سليمان بختي 

حركة اولى . شكل يرتسم . احياناً أقرأه، احياناً أنساه . 

 الحركة الثانية: العصافير تهبط على الشجرة وتعلن ان الغصن والأفق وأرجوحة الهواء والغناء أصبحوا  في قبضة الحناجر. 

الحركة الثالثة: البحر . زبد وموج . هل للبحرِ سائل ؟ يعلن انه يسامر المدينة، ولن يرحل . لم يقرر أن يرحل . يسكن العيون . لا أعرف أين قرأت. ” ليس للذين نحبهم سوى آبار عيوننا ليسكنوها إلى الأبد”.

الحركة الرابعة :” الجريدة ، افتحها وابحث فيها عن أي هارب . أي ملعون . ابحث عن الماء وعن عينين إنسانيتين. وعن جمر غافٍ. 

 الحركة الخامسة: الشارع . لا حركة فيه ولا نأمة . أغصان أو ظل أو أشباح وعد أمل . بلاداً غريبة للغربة. اقرأ ليوسف بزي : “موعدنا الأسبوعي في ” الدار”، أحمد بيضون وعباس بيضون وحسن داوود وحازم صاغية وغيرهم أصدقاء كثر شبه مداومين. إغلاق ” الدار” يوسع غربتي عن بيروت”.

الحركة السادسة : أقع على سؤال سأله جبران خليل جبران قبل مئة سنة: أيهما أشقى يا ترى ؟ رجل بدون وطن أم وطن بلا رجال ؟ 

الهام كلاب بساط: الأشقى هو الوطن بلا رجال.حل المشكلة فردياً لا يحلها جماعياً.

سمير عطاالله  : سؤال صعب . لا أستطيع الإجابة. ومن الصعب المفاضلة. 

عقل العويط : وطن بلا رجال أشقى بكثير. 

شوقي أبي شقرا: ما يصنع الوطن هو الروح. السؤال لا يتحمّل عبء المعنى. 

جورج شامي: الأشقى هو رجل بلا وطن. الرجل يثبت الوطن.

زياد كاج: المأساة أكبر بالوطن الذي بلا رجال. 

الحركة السابعة : اسمع من راديوالسيارة فيروز تغني : ” لمني من وحشة العمر / كما لمت النسمة عطر النرجس” . أدمع لأن غمامة من الحنين تلفني. الحنين ، يكتب محمود درويش ، هوما ينتقى من متحف الذاكرة. 

 الحركة الثامنة: ماذا لوكان كل ما نراه ونعيشه سيناريو افتراضياً؟  ماذا لو كان فيروس الكورونا أشد وأدهى وقرر ان يحكم  هذا العالم. يروي محمود  درويش في كتابه “ذاكرة للنسيان ” عن سيارة مشتبهة بالمتفجرات في أحد أحياء رأس بيروت زمن الحرب . وعندما حضر الخبير العسكري وعاين السيارة لم يعثر على المتفجرات بل على جرذ جائع يقضم أمعاء السيارة بشراهة. ضحك الحي كله حين عرف أن في وسع جرذ واحد أن يهجر حياً. نعم في وسع جرذ واحد  أن يهجر مدينة ، وان يحكم دولة. 

الحركة التاسعة: ماهي بيروت؟ فكرة ، حالة، وردة، قناع ، أغنية، فتاة تعشق البحر، وتربك  الخيال، وتشرب من عين الحرية. أي صورة لها تبقى وتسود؟ 

قرأت لأدونيس : ” بيروت : آخر الصور سامروها ، اطيلوا السمر ، إنها تجلس  الموتى في حضنها وتقلب أيامها ورقاً شائخاً احفظوا آخر الصور من تضاريسها إنها تتقلب في رملها في محيط من الشرف وعلى جسمها  بقع من أنين البشر”.

الحركة العاشرة:  الخوف ، ليس في القلب ، ولا  في العيون ، ولا في الأعصاب. إنه في الركب  على ما يقول صاحب رواية “القوقعة ”  

أخاف إذا خرجنا إلى المدينة أن لا تعرفنا المدينة ولا نعرفها. غدت الكورونا مع الأوضاع الاقتصاية والاقليمية والعالمية المتردية صحراء موحشة. قفر . 

ليست هذه بيروت التي نعرف ولسنا نحن .

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *