فضاء للكتابة أو خجل البنفسج

Views: 29

رائد أبو زهرة 

(الأردن)

1. وردة للصدق… فلة للوضوح… سنبلة للذات إذ تعلو بأوجاعها…  ونشيد للوقوف في جمر السؤال. بنفسجة للذات إذ تصعد من ذاتها إلى نرجسة الحبيب…  تصيرها في الطريق إلى الطريق… ..

2. على حجر سأبكي… وأسأل… على حجر سأنقش وجهك…  وما لم يقله الآخرون. أين نحن من يدينا؟ فضاؤنا الرحب أينه؟ أفي موتنا البطيء…  أم في رغباتنا المؤجله؟ ومإذا نحن…  ومن نحن سوى بحثنا المضني عن الذات والحبيب. ما الذي يشدني للتراب؟… يأخذني أخذاً لطراوته التراب…  وأصغي لنشيدي…  أهو تأريخي أم الكيمياء؟ أهي وحدة التكوين…  أم غياب من أحب؟ ومن انا؟ هل هو أنا…  أم لغتي…  أم أنا أوغل في لغتي…  كي أنأى عن الأنا…

3. وأحب في ما أحب… وأبغض في ما أحب؛ جنوني عادية وجعي… وجلجلة الأنين في الحنين إلى أحد. وأراني حيناً ذهناً متّقداً…  يفيق كما العنقاء شفيف. وأحب في ما أحب؛ أرقي وأشيائي التي انغرست بذاكرتي  كنقش صخري…  وبريق ضوء يميل…  كلما شمس مالت لغروبها يميل. وأحب في ما أحب؛ تأجيلي لروحي في الحياة…  وتأجيجي لها في الورق…  فهل أنا أنا؟ أم أحب في ما أحب؛ جميعكم…  من رأيت ومن لم أرَ .. (https://locallens.com)

4. أذهب طوعاً وقسراً للكتابة… أسكب فيها غموضي… أحنو عليّ لأصحو عليّ…  أدسني في حروفها…  كمهمل يفتّش عن معناه…  وأناغيها…  علّها تناغيني…  فلا أظل نسياً طرياً…  وأظل يفاجئني داخلي…  أني بعد لم أقلني…  ربّما الوقت والحشرجات…  ربّما انغمست فيها فأنستني ونسيت ان الكتابة آسرة…  تسحبني من خجلي إلى جرأتها…  وتصدّ جرأتي المجهدة. أتوه أو انسى ملامحي الأولى…  ثم أصحو…  بعد…  بعد…  فأجدني لم أضف بعد غير الآهة للسؤال…

5. قلت: الكتابة ليست قاتلتي… قالت: وليكن بدؤك فوضى. قلت: أين أفتّش عنّي؟ أفي خارج الكلمات؟ قالت : في كل ما استطعت فيك وحولك. قلت: شحوبي يعتليني… وأحسُّني انسرب من جرحي إلى ضجر…  أحاول أتخبّأ منّي…  أثمل…  أحدّق فيّ…  دوماً أراني معلّقاً في السؤال…

6. والأشياء واقفة تظل… على باب البحر وفيّ…  كأنما أضداد تلاطم أضداداً…  أضداد تعانق أضداداً…  ربّما…  وكما يكون الموت وقفاً للمياه…  كذا تكون الحياة…  اندفاق معنى في السؤال…  والسؤال أوجاع أشرعة…

7. وما بين قدرتي ولا قدرتي… على فهم ما قال الغائبون… أنبش ذاكرتي…  عمّا يوازن بين أضدادي…  ولا يكون انسياقاً لحاجة عابرة. ولم أجد لأني لم أجدّ…  ربما أني أشتهي احتيالا جميلاً…  يأخذني من أرقي…  يعيد ترتيبي…  يمحوني من عيون العسسس…  وينقذني من نايات الصباح…  يمنحني حرّية الساقين…  لأركض  وأركض…  أركض باتجاهي…  أخدش هذا الصمت…

8. صار سؤالي يتعبني… هو لا يمزق أشرعتي… يقضّ فكرتي ربّما…  يؤرق حدسي ربّما…  يواسع أشرعتي ربّما…  لا يحيلني الآن إلى تراب ربّما…  كأنما يعبث بي…  أو كأنما سؤالي لا يريد ما يدهش بالدم المحاط بالذاكرة…  لا يريد يرتعب أمام هدوء البحر والسوسنة…  كأنما سؤالي…  ليس هدوءًا ولا صخباً…  كأنما سؤالي خلخلة فقط…  كأنما سؤالي فقط؛ لعلّي أرى…

9. فانا أحبك… وأحب أذنيكِ تُصغيني حين أُنشد… وحين أنام وأحلم  بك…  جسد المرأة الأولى…  وروح الانسان…  ربما الوهم… الحلم…  الوعي…  وربما مزدوج الوعي الاشتهاء…  فما سرّ الربط بين الرمل والأنثى…  أو بين ذكر وماء؟ لمَ أبعد عن أولاتي…  أو ما قيل لي أنها الأولات؟ لمَ أفصل بين ما لا ينفصل؟ هل شوّهتني تملّكات المفرد الشاحبة…  أخبريني…  أو اصرخيني ان شئتِ…  ولنكن ما شاءت خطانا…

10. قالت المنشدة: “انا لحبيبي وحبيبي إلي”… فقلت: كما روح حطّت قرب أنين روح… وقال المنشد: ” أنا لست لحبيبي وحبيبي ليس لي”…  فقلت: كما فراشة حطّت على صغير ضوء…

11. فكرتي صارت أرقاً… أعضائي تستلب… ودكّة الموتى تغص بمكتوم الصراخ… فانقذيني مما يجعل البوح مقصلة… أو قولي أنّى سأذهب…  والتأريخ يلاحقني كالعسكري المجازف…  وأنت أنت…  وردة الطريق إلى الياسمين…  وملح الطريق إلى سواكِ…  وأنت أنت…  نافذة للفراش الحر…  وأنا أنا…  وما زلت أسأل…  متى نغني للفرح…

12. وماذا يحب الذكر في الأنثى… وما يدفع أنثى إلى ذكر… سوى رغبة التماهي بالجلجله…  وفي لحظة نحتاج البكاء على صدر الحنين…  ومن نحن…  سوى ما مايزتنا الأشياء به في لحظة خصب ساخنة قبلنا…  لتنهض اللحظات بعدها بنا على نمنمة أعضائنا…  ونحسه الانوحاد المرّ يكبر فينا ومعنا وبنا…  ونشتهي البوح كي نحيا…  فإذا أحب أن أدري حين أدري…  غير أن أدري من أنا فيكِ…  فانتشري في دمي…  حبراً ملحاً ماءً وإلهاً يدب في الحياة…  فانا أحب فيكِ كل ما أحب…

13. وأنا ما زلت أفتش عن حجر أسند ساقي إليه… وأصرخ… أحدّق في ظلّي كي أراه…  أحدّق في المعنى كي لا أرى الغياب…  فما عاد الموت موتاً…  وما عاد المحض محضاً…  كل يتداخل في كل…  وأنا ألهث بالكتابة نحو وضوحي العالي كي أراكِ…  وكي لا تظل فاكهة المعنى…  صوراً تؤلفها الذاكره…  ولا أظل أفتّش عمّا لن أجد…  وأصرخ…  أفتش عن حجر وعني…  لأني أريد أن أرى دونما التياثي بكتابتي عن الالتياث…

14. وأريد… أريد أيتها الكتابة… قبل نفاذ الحبر أن أرى…  وأن أقول أفاقت روحي من غفوتها…  وتخذت منك شكلاً أول للحياة…  وأريدني حجراً…  وأركض نحو الآتي…

15. تعالي إذن نعيد ترتيب معنانا… منذ الطبيعة الأولى وحتى القمر… نخلع ما ترسب منهم فينا…  نحك جلدنا بخشونة الفولاذ…  وننزع عن دمنا الطحالب…  نقرأ الأشياء منذ البداية…  منذ الأولات…  ونسأل أين الحكاية…  في تقعّرات الذهن…  أم في البدايات…  وما الذي فينا سينجرح أن نحن حاولنا…  ذهننا المجرّح بالندوب…  حدسنا المعتّق بالخدوش…  روحنا المجلود به كلما شاء أن يصحو…  وهل من مساحة فينا لم يهشمها أحد…

16. تعالي نعيد إصغاء الأغاني… تعالي نشتهي الأمنيات… تعالي نعيد اندفاق النبيذ في الأوردة…  تعالي كي لا يظل دمنا مسفوحاً مباحا…  لكل من شاء أن يستعيد على ظهرنا أمجاد العرب…  ونصرخ فيهم: هذا لبُّ الحكاية…  وهذا عنق عشقنا…  كما ضوء في ثنايا الروح…  متى انطفأ أيقظ كل الأسئلة…

17. داهمني ضدّي اللحظة… وألقيت القبض عليّ أواصل حلمي… عاندني ضدّي…  وذكّرني أن الحياة لن تأخذني لمشتهاي…  فحزمت أضلعي…  وصعدت حائط المدينة…  وتذكرت…  كم في الليل يجهدني الغياب…  تذكرت حجر السؤال…  الكتابة…  وما بين عيش وكتابة…  ضيعتُ منّي الحياة…  فسامحيني حبيبي…  حبّكِ كالقهوة…  وأنت بلاد دمي الآمنة…  وأنت نشيدي…  ولتذهب الأشياء ما شاءت مشيئتها…  ولتذهب الذات في الارتباك…  سانتظركِ وانتظركِ وأظل انتظركِ…  ونحوكِ أمشي…  مؤرجَحاً بين الزوربا والكتابة…

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *