الحياد، وأهل العروس، والجدل البيزنطي

Views: 677

د. نعيم سالم

منذ نعومة أظافرنا ونحن نسمع عن موضوع الحياد في لبنان والذي يتحول دوريا إلى جدال له أول وليس له آخر…

باختصار،  مسألة الحياد في لبنان هي كموضوع الزواج التقليدي اللبناني:  العريس موافق، وأهل العريس وعشيرته موافقون، ويبقى فقط أن يتفق أهل العروس ببعضهم — ومع إبنتهم — ويوافقوا…!!  وبعدها العروسان سيعيشان بسعادة أبدية Happily forever after… 

ولكن في ما يتعلق بموضوع الحياد هناك عدة مسائل أساسية يجب إيجاد أجوبة أو حلول لها: 

أولا،  هل نحن غير محايدين حاليا؟ هل نحن مع سوريا ضد السعودية أو مع الأخيرة ضد الأولى، في الوقت الذي تشكل هاتين الدولتين قطبي الخلاف الرئيس بين العرب؟؟ 

الجواب كلا.  نحن،  رسميا،  لسنا لا مع هذه ولا مع تلك، وإن كان في الواقع نصفنا يوالي هذه ونصفنا يوالي تلك…

ثانيا،  المقصود الأساسي بموضوع الحياد اللبناني هو حيادنا تجاه إسرائيل.  ولكن لنفترض أننا قبلنا بالحياد مع إسرائيل،  هل ستعطينا إسرائيل حقوقنا وترد لنا: مزارع شبعا، ومرتفعات جبل الشيخ وتلال كفرشوبا وبلدة الغجر، وآلاف الدونمات (عشرات ملايين الأمتار المربعة) التي استولت عليها (إسرائيل) تدريجيا من القرى الحدودية كالخيام ومارون الراس وبنت جبيل وو… مرجعيون،  ومنها أراض واسعة للوقف الماروني؟؟  

 وهل ستوافق إسرائيل على الإعتراف بملكيتنا للمنطقة البحرية الحدودية الغنية بالنفط والبالغة مساحتها 860 كلم مربع؟  

هل ستعيد إسرائيل ال 400,000 لاجيء فلسطيني إلى أرضهم؟  أو هل سيأخذ حلفاء إسرائيل من أميركيين أو خليجيين عرب،  (هل سيأخذون) اللاجئين الفلسطينين المنكوبين منذ زمن النكبة وما زالوا؟؟

ثالثا،  إذا قبلنا بـ “الحياد” تبعا للوصفة الأميركية التي تستهدف سوريا بالدرجة الأساس، هل سيعاد المليون ونصف المليون نازح سوري الى ديارهم؟  أو هل سيستقبل عرب الخليج إخوانهم السوريين في السنية السياسية، هل سيستقبلونهم ويستوعبونهم في ديارهم النفطية الغنية والتي هي بحاجة مستمرة للعمالة الأجنبية؟؟!!  

الجواب لا، لن يستقبلونهم.  المشروع السعودي-(الأميركي ضمنا) يبغي إبقاء النازحين السوريين في لبنان لتغيير وجه لبنان الديمغرافي والطائفي….

إذا قبلنا بالحياد تبعا للوصفة الأميركية،  فسوريا لن تعيد النازحين إليها، لا بل لن تقبل بفتح حدودها لنا للتواصل مع كل المشرق العربي والخليج…!! وسنتحول عندها الى جزيرة إقتصادية معزولة…

باختصار،  جدل الحياد في لبنان هو جدل بيزنطي له أول وليس له آخر، وموضوعيا وواقعيا لن يؤدي إلى نتيجة سياسية على ما أرى وأتوقع،  وبالتالي لن يسمن أو يغنينا عن جوع….

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *