نقولا المني رائد تلحين الزجل اللبناني

Views: 149

سليمان بختي

 

نقولا المني (1900-1971)

هو ملحن لبناني متعدد المواهب جمع إلى جانب التلحين العزف على العود وكتابة الأغاني والغناء.

ولد في حي المزرعة في بيروت عام 1900.

ظهرت موهبته باكراً من خلال حبه للعزف على الآلات الموسيقية فأهدته عمته آلة بزق فراح يداعب أوتارها ويعزف ما يخطر له من الانغام. في بداية الثلاثينيات انطلقت رحلته مع الفن واستهوته الأغنية العاطفية فخاض فيها باللهجة البيروتية. (https://bolivarescapes.com/) إضافة إلى تأليف الالحان، كان نقولا المني يكتب كلمات أغانيه وألحانه. وقد شجعه عازف الكمان سامي الشوا على التلحين. وأول عمل اشتهر من أعماله كان أغنية “يا ويل حالي”. التي كتبها ولحنها عام 1932 وغنتها الفنانة لور دكاش مع الفنان إيليا بيضا. ويعتبر بعض النقاد أن هذه الاغنية قد شكلت طليعة الأغنية الشعبية اللبنانية. كما لحن للور دكاش أغنية”يا قلب ويحك”. وطارت شهرته في لبنان فسألت عنه الفنانة الأستعراضية بديعة مصابني وكانت تدير في القاهرة ”صالة بديعة” ودعته إلى مصر ليلحن الاستعراضات الغنائية الراقصة لفرقتها. ولحن”طنش” و” واحترت وحيرني بها البنات” و”بحبك”، وفي صالة بديعة هناك الكبار فريد الاطرش ومحمد فوزي وابراهيم حمودة واسماعيل ياسين ومحمد الكحلاوي ومحمود الشريف وغيرهم.

 

بقي نقولا المني في مصر حوالي السنتين. 1935 و1936 ولحن العديد من الاغاني الناجحة التي جلبت له الشهرة. فتعاقدت بعض شركات الإنتاج لمزيد من الاعمال كما يسرت له السفر إلى رومانيا حيث الاستديوهات ومعامل تسجيل الاسطوانات.

من مصر إلى العراق حيث لبى دعوة بعض أصحاب المسارح والصالات في بغداد وهناك قدم أيضاً مجموعة من الالحان الناجحة لمطربات بغداد ومنهن المطربة العراقية الشهيرة نرجس شوقي.

عام 1938 عاد”الحاج نقولا المني” إلى بيروت وكان له دور تأسيس لراديو الشرق ( الإذاعة اللبنانية) وكان يعمل بالإذاعة بصفة ملحن ومشرف على تنفيذ ألحان غيره، وكان يعتز في الإذاعة أن رقم بطاقته واحد. وكان ضمن أول فرقة موسيقية تألفت في الإذاعة من عبدوعوف، عادل طرابلسي، إدمون مجاعص، سليم لحود، نجيب شلفون، محمود الرشيدي، أحمد علوان، وبهيج ميقاتي.

ومن رفاقه في تلك الفترة الفنان الياس ربيز (رأس بيروت)، مطرب الموال البغدادي في بيروت.

 

عام 1947 أحيا نقولا المني حفلاً على مسرح الثياتروالكبير في بيروت وقدم سبع أغنيات من الزجل وعرفت تلك الحفلة نجاحاً باهراً ووطدت قيمته كملحن مختلف وقدير. ونذكر أن ألحانه الناجحة في تلك الرحلة أغنية”يا عربجي خفف سيرك” التي امتازت بلحن درامي وغنتها لمعان (شقيقة الفنانة الراحلة فريال كريم ) والتي اعتزلت باكراً. ويذكر الدكتور مروان منصور في كتابه”مطربات ملحنات” (2016)” أن عبد الوهاب لما استمع إلى هذه الاغنية أعجب بنغماتها وخاصة ”واحدة واحدة” وأبدى رغبته في التعرف إليه، وعندما التقيا سأله عبد الوهاب”جبتها منين دي”. وأضاف:”نقولا المني هو الذي أوجد الأغنية اللبنانية”.

كان نقولا المني شغوفاً بالكمال، فهويدقق بالكلمات التي يكتبها ويديم النظر في الألحان ويقارن. ومن هذه الأغنيات التي عرفت شهرة في تلك الفترة “قولولي شوهالنصيب” و”يا زينة الكل يا سمرا” التي غناها المطرب مسى حلمي في أحد الأفلام المصرية. و”اتحكمي واتدللي” وقد عرفت بصوت نقولا المني نفسه. ولحن أيضاً لفيروز”ياويلك من ربك” و”يا بايع قلبك” ولحن لصباح “طل علينا تبقى طل” و”ياهويدا هويدلك” من كلمات أسعد سابا و”عمرك يا دنيا” و”يا طير ذكرني بالحبايب”ولحن لنور الهدى”على أم المناديل”، ولحن لنازك”ولو يا أسمر ولو”.

ولحن لنجاح سلام “على مسرحك يا دنيا” و”سيكاميكا” و”ليش يا زماني” و”الوم قلبي” و”عالميج الميج الميجانا” و”عدت من غربتك يا بوالعيون السود” و”يا من عشقت الروح” و”يا ريت عيني ما شافت” و”مسكين يا قلبي حبيبي لوعك” و”بلاها” و” غمزاتك على مين” و”لا تمسكها عالقاموس”. كما أنه ألف ثلاثة ألحان موسيقية بعنوان”أمل” و”منى” و”هدى” وهي أسماء بناته، فهوالذي عرف بـ”أبوالبنات”.

 

كان نقولا المني يردد “أن الفن لا يجوز فيه التحريف”

هذا الملحن الفائق الموهبة لم يكن يقرأ النوتة. وكان رائداً في تلحين الزجل اللبناني وتغيير مسار الأغنية اللبنانية. يقول في مقابلة لمجلة “الإذاعة”: “عندما قمت بتلحين الزجل اللبناني لأول مرة شعرت بشيءٍ من الخيبة لأن أهل الفن استقبلوا هذا النوع من التلحين بعدم اكتراث.. ومع ذلك صممت على مضاعفة الجهود.. وبعد مضي فترة من الزمن أخذت الجماهير تتذوق هذا اللون الجديد وتشجع الزجالين والملحنين على الخوض في هذا اللون من الزجل اللبناني الملحّن”.

 لبث نقولا المني يلحن في الإذاعة ويكتب الأغاني ويعمل جاهداً على إظهار صورة مميزة للأغنية اللبنانية، ولعل النجاح الذي حققه جعل المطربات والملاهي وشركات الإنتاج تسعى إلى ألحانه وتستقطب تجاربه ومحاولاته. نتذكره في مرور 120 عاماً على ولادته فناناً أصيلاً رحل بصمت في 14 /2/ 1971. ولم ينل حقه من الدراسة والاعتبار والتكريم.

ولم تسنح للأجيال الجديدة معرفة الدور الحقيقي الذي لعبه نقولا المني في سبيل الأغنية اللبنانية والموسيقى في الشرق.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *