الجرح المفتوح والتعزية

Views: 906

البروفسور فادي أبو مراد

الليلة كان المشهد في مستشفى سان شارل شبيها بأيام القصف الشديد اثناء الحرب اللبنانية .  وصلتُ المستشفى عند غروب الشمس برفقة صديق أسعفته بواسطة دراج تمكّن سحبه من مكان إصابته في شارع يضجّ بالحياة في قلب العاصمة بيروت.    الناس في كل مكان . منهم المدمًم والمطروح أرضاً والذي يفتش عن مفقود والذي يصرخ وجعا ويستحلف الاهتمام  به… الأكثر تأثرا أرتال الشبيبة القادمة للتبرع بالدم. لا يمكنك إلا ان تستأسد لخدمة الانسان ، للطبَّ بفتح الطاء  (اي الانحناء) أمام كل مريض لتسعفه… تنسى زمن الوباء امام وباء الساسة وفجورهم  ولامبالاتهم  وفي وصفهم تلامس العهر دون اي حياء … فالذي يقبل ان يُضرب شيخاً في منزله وهو هزيل ، متروك في بيته ليُحمى من وباء كورونا ، هو بحق لا يسعى للإنسان مهما ناداه في خطاباته او مسعاه… المشهد ذكرني في خدمتي اثناء الحرب وفي اوجّها كنّا نقوم بالعمل ذاته بمفارقة واحدة وهي  نقل المرضى الى ملاجئ المستشفى بسبب شدة القصف… ليس من قصف يا سادة … تفكيركم وذهنيتكم ووقاحتكم هي أشدّ فتكا من اي قصف… 

إنً من سحرني في هذه الليلة الظلماء هو كاهن المستشفى الذي نقل وحمل وجرّ المرضى الواصلين فالحاً الارض بعطف يسوع المسيح. أذهلني ايضا زميلة طبيبة في قسم الأشعة تركت ركام بيتها وعائلتها والتحقت بالمستشفى لتآزر في الخدمة فيما زوجها يلملم البيت وكل من فيه. انحني لكل اوجاع مواطني بلادي وتقديري  لكل من انتصَب مضمداً للجراح من الفرق الطبية والتمريضية… استمروا بانسانيتكم حتى لو فتك بكم المجتمع وساهم في سلخكم   لان بعضا من شعبه “المدمّى” ، موضع السجود، أراد بكل فجور ، بعد ان صفّق لكم من على البلاكين، اعتماد تسعيرة الدولار السوداء دون رحمة فأخذ ينهشكم في شتى فواتيره … وبقيتم انتم قلّة فوق المال…واجهوا بعطائكم سوادهم فتتميّزون وتلاصقون سيّد العالم لانكم لستم من هذا العالم   …ليس بهذا عَجَب فأنتم تحملون قيم رهبنة القلبين الاقدسين…

حماكم على الدوام.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *