من دفاتر العمر
د. جان توما
باكرًا وجدت على “الماسنجر” سؤالًا من سيّدة حول هويّتي الشخصيّة لتتأكد من ذكريات طفولة لها مضت، وأنّها تبحث عن شخص يحمل الاسم نفسه، ولكنّي لم أكنه في معلومات السكن السابق والتفاصيل المواكبة لتلك الطفولة.
ذكّرني هذا السؤال بقصة رفيق طفولتي مروان أنطون الذي اختفى مع أمه وأخته في صبيحة يوم من عام ١٩٦٥ لأسباب عائلية ليعود عام ٢٠١٨، بعد البحث في وسائل التواصل الاجتماعي مجيبًا عن سؤالي الدائم ، بعد خمسين سنة، معتذرًا عن سفرهم المفاجىء إلى البرازيل دون إخبار أحد لألف سبب عائلي.
لكلّ منّا سؤاله عن مرحلة من عمره، يبحث ويتعب وقد لا يجد جوابًا. إنّ مشكلة الإنسان الدائمة أنّه لا يعرف قيمة من أو ما خسره إلّا بعد حين. أخبرني أحدهم وقد عبر سنّ التقاعد أنّه يتأمّل في كلّ يوم كتبه وأشياءه البسيطة ويتساءل إلى من ستؤول بعد رحيله؟ ماذا سيحدث لهذه الأوراق والأقلام التي كتب بها؟ بل ما مو مصير ألبوم الصور الكرتونيّة المرتاحة على أحد رفوف مكتبته؟
كما أسرّ لي صديق عن رغبته بالتبرّع في حياته بمكتبته إلى جامعة أو مدرسة كي لا تضيع بعد موته خاصة وأن جيل اليوم ربح الشاشة وخسر الورق، ملامسة ورائحة حبر؟
في بيوت الكبار التي تحوّلت إلى متاحف لآثارهم تجد دائمًا النظّارات الطبيّة على مكاتبهم وسط عجقة الورق فتتساءل: ماذا لو وَضَعْنَا هاتين العدستين على عينَي كثيرين هل يتبصّرون؟ هل يستنيرون؟
كلّ سؤال بحاجة إلى جواب ولكن جواب السؤال الكبير يبقى كما الفراغ، كما صدى الصوت ، كما العبور من حياة الحياة إلى حياة الموت.