البرت عبد المسيح (١٩٠٣-١٩٨٨)

Views: 800

د. جان توما

ولد في المحيدثة عام ١٩٠٣ولم يجد نفسه عام ١٩٠٧ إلّا في قافلة هجرة جماعيّة  إلى بوسطن مع اهله وأقاربه لملاقاة أعمامه وأخواله وعائلاتهم الذين استقروا هناك في موجات هجرة منذ عام ١٨٨٤.

نزلت عائلته المهاجرة عند الأقرباء والأهل في مدينة “ويستر” في ولاية “مساتشوسيتس” التي كانت مركزا لمختلف الصناعات، ومنها معامل النسيج والأحذية والحديد والفولاذ.

 كانت محطة قطارات “ويستر” تعجّ بالحركة في شوارع المدينة، كما كانت تغصّ بالسكك الحديديّة التي كانت مجرى للترمواي في كلّ اتجاه. حين بدأت شركة فورد بتصنيع السيارات أقبل الناس على شراء السيارت وتمّ الاستغناء عن التراموي والقطارات لإيجاد أمكنة لقيادة السيارات المتزايدة.

حين عرفتُ البرت عبد المسيح ما كان يذكر إلّا ورقة ولادته الصادرة عن السلطة العثمانيّة حينها، وأنّه مهاجر من سوريا وأنّه من رعايا الدولة العثمانيّة. حين قابلته عام ١٩٧٨ كان قد بدأ مرض الباركينسون  ينهشه.

كان يحدّثني عن فرحه كلّما زار النادي السوري في “ويستر”، يتذاكر مع أهل ربعه أخبار البلاد التي خرجوا منها أطفالًا وما زاروها. تزوج البرت من ابنة الميناء ماري توما (١٩٢٥-٢٠٠٠) عام ١٩٥٤ وكانا قد التقيا هناك، وأمضيا عمرا طويلا، وكان بيتهما مضافة للقادمين هربًا من حرب السنتين اللبنانية، أو لهجرة دائمة.

عاش البرت فخورًا بأنّه من “المحيدثة” التي كان يلفظها بلكنته الأعجمية. يسأل عنها دون أن يعرفها، كطفل اشترى له أهله لعبة ولم تصل إلى يديه. كان يعرف أن الشّوق إلى المرابع الأولى ينعش النفس، فكانت بساطة “المحيدثة” بساط ريحه في عجقة حياته الصناعيّة هناك.

مات البرت وبقيت البلاد في عينيه، وفي قلبه وخاطره. رحل هو وما رحلت هي.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *