“لا أطل على أحد لباسل عبد العال” العبور من الغياب إلى الحضور

Views: 937

ميشلين مبارك

أتياً من عائلة أدبية وفنية، يطلّ علينا باسل عبد العال بديوانه الثالث “لا أطل على أحد” عبر قصائد عامودية وتفعيلية تشبه النثر بحداثتها، قصائد وجدانية تشرق على الغياب والرحيل والحب…تطّل علينا كصلاة صباح تتلى على الغائبين بالروح فتزيدهم حضورا، وكنسيم ناعم يعزف الحان الحنين على دروب العودة.

عشرون قصيدة بين متوسطة الطول الى طويلة، وبأسلوب حديث سلس تحملك الى أماكن كثيرة، الى البيت الوالدي، الى فلسطين، الى الشارقة والى أبو ظبي. وفي كل هذا السفر، عودة الى الذات، الى الوطن الساكن في الوجدان، الى حبيبة تنتظر مساء خميس لتطبع الحبّ فوق جفن النعاس.

عشرون قصيدة ضمّها الديوان ورتبها الشاعر في عناوين امينة للمضمون، بدءاً من “لا يلتقيان”، في هذا الجزء يتلو الشاعر اعترافاته للأرض، للعائلة، للحبّ، بقوة ودهشة، كأن يقول في قصيدة “الزعتر الأخير” المهداة الى والده:

“سواك من صاغ الحكاية زعتراً

وما كان غير الأرض تنجب أجمله

وأحتاج ضوءً كي أرى أبجديتي

توّسع حرف الحبّ فيها لأحمله،

سمائي بيضاء الملامح ثق بها

لتمطر ماء الله كي تتأمله،

لولاك ما كان الخيالُ غوايتي

أتذكر أمسي يوم أبترَ أُنمُله؟”.

الجزء الثاني من الديوان حمل عنوان التحية الأخيرة وفيه، وبرأيي الشخصي، نقرأ الشاعر يودع الآخر الذي لم يعد موجودا وربما  يودع حباً عاشه فيما مضى، وهنا يكتب للمرأة وعنها فيقول في قصيدة “المرأة المرآة”:

“…

آذار نُبل الاعتذار عن الرحيل

تحرّش الازهار بالأنثى التي تمشي وتنظرُ خلفها،

آذار

لا استئذان مُتعتنا لكي نستقبل الإيقاع

واستنفار عاطفة

بيانو في الحديقة وحدها

وكأنها لو أمطرت عزفت

ومقترح سماويّ “أحبكِ”

واختمار الليل في كأسٍ

إذا امتلأ اختلف”

ويختم الشاعر عبد العال ديوانه، في القسم الأخير بعنوان “لم أجد أحداً في الممر” بتحية الى الشهيد، الى كل مكان ربما عاش فيه الشاعر في زمن مضى، وبقي الصدى او جرحا قديما ظنه انه غفى، انما لم يعد يطّل على أحد كما تبوح القصيدة التي يحمل الديوان عنوانها، فيقول:

“إذا حملتني الطيور الى شجر يابسٍ في الزمان

كبرتُ ولم انتبه للفوارق بين انا الامس

بين انا الآن

كيف كبرتُ ولم انتبه للخريف الجديد

وهندسة الوقت للوقت حول الخريطة؟

..

وأؤمن أنّي إذا قد نسيت تذكرتُ جرحًا قديمًا

وأؤمن أنّ التفاصيل تلك التي تركتني صغيرا

نمت زعفراناً وصارت

قصيدة هذي القصيدة…”

“لا اطل على أحد” لباسل عبد العال، ديوانٌ يسكب من وجع الغياب ابداعا فيتجلى الشعر دهشة وحضورا.

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *