حِسّوا بقا!

Views: 497

خليل الخوري

إن أكثر ما يصحّ فينا، منذ مدّة طويلة، وفي هذه المرحلة بالذات، القول المأثور جداً: «فإذا عقولٌ بخواتم ربّها». فالقيادات المسؤولة عنا خُتم على عقولها بالشمع الأحمر وباتت عاجزةً (أو لا تريد وهذا هو الأسوأ) أن تفرز ليس أي حلٍ فحسب، بل أيضاً أي فكرة، مجرّد فكرة، قد تقود إلى الحل، وعموماً لا تقود إليه.

هؤلاء القوم يصحّ فيهم أنهم لا ينتمون إلى مكانٍ أو زمان، فليس لهم أمثال في أسوأ حِقب التاريخ. وهم فعلاً لا ينتمون إلا إلى مصالحهم في هذا الوطن المنكوب شعبُه بهم. وهي نكبةٌ أين منها «نكبة البرامكة»؟!.

إننا أمام مجموع قيادات يمكن وصفها، عموماً باستثناء قلّة نادرة، بالآتي:

أولا – الصبيانية. ولو بلغ العمر عتيّاً بمعظمهم. فالتصرّفات وردود أفعالهم لا تنطلق إلا مما يصحّ فيه قول إخواننا المصريين: «لعب عيال». مع فارق أن الأولاد لا يتأتى عن لعبهم أذى كبير، بينما الجماعة عندنا لا تُسفر ألعابهم إلا عن الكوارث.

ثانياً- في أي بلدٍ من بلدان العالم تؤدّي السياسة والمنافسة وما يواكبهما من اختلافات إلى الحرد مثل الأطفال؟ والقوم عندنا يحردون، و»يأخذون على خاطرهم» كما رأينا مراراً وتكراراً في مشاهد المضحك-المبكي.

ثالثاً – في أي بلدٍ من زوايا المعمورة الأربع تؤدي المنافسة السياسية إلى الاختصام حتى الاقتتال وقطع حبل التواصل، و»سنكف سنكف» كما يتصرّفون اليوم عندنا؟ يا للمهزلة!

رابعاً – في أي بلدٍ من العالم يُصاب بأقل بكثير مما أُصبنا به من ويلات وكوارث ومآسٍ وفواجع ويتقدّم صديقٌ (رئيس دولة كُبرى) ماداً يد المساعدة، فيتذاكَون عليه، بالحقيقة يكذبون عليه، وتفوت الفرصة وهم يعرفون جميعاً أنهم ذاهبون بالبلاد والعباد إلى «جهنم»؟

خامساً – أي بلدٍ من بلدان العالم يكون مشهوراً بالازدهار والتقدّم والريادة فيتناوب عليه قتلى ومجرمون وسفّاحون ولصوص وأغبياء فيُسقطونه ويُذلّون شعبه، ومع ذلك يبقى مأذوناً لهم أن يتناتشوا بقاياه، كما يجري عندنا؟

سادساً – أي بلدٍ من بلدان العالم يتكشّف باطن أرضه ومياهه الاقتصادية عن ثرواتٍ طبيعية خُرافية، ليس فقط يعجز عن التنقيب عنها واستخراجها، بل أيضاً تدفع العقولُ العقيمة والنيّات الخبيثة شعبَه إلى الجوع وافتقاد أدنى مقوّمات الصمود والحياة.

وبعد،

لو كان عندهم حدٌ أدنى من المسؤولية وحد أدنى الأدنى من الوطنية أيضاً، لكانوا انسحبوا من الحياة العامة، أقلّه لأنه ليس من قياداتٍ أسوأ.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *