عاصي الرحباني في ذكراه الرابعة والثلاثين

Views: 856

ايلي معوشي

 

عام 1986: عَرَا البُزُقَ (1)

خَدَرٌ، وألَمَّ بالشِّعر خَدْشٌ،

وشُلَّ العقلُ الخلاّق، وتكَسَّرَ

العمود السّابع في بعلبك:

مات عاصي الرحباني، هذا العبقريّ

الفَذّ الذي أجلس الكلمة واللّحن على عرشٍ

ولا عروش ملوك الأرض…

*  *  *

عندما نذكر عاصي الرحباني،

لا بدّ من أن نذكر أخاه منصور،

بَيدَ أنَّ الأخوين هما اثنان في واحد هو عاصي.

كانت محطة الشرق الأدنى للإذاعة العربية،

في الخمسينات من القرن الماضي،

نقول: هذه أغنية لفيروز من كلمات وألحان الأخوين رحباني.

عندما مات منصور الرحباني،

كتبتُ مقالةً تحت عنوان:

“عاصي الرحباني يموت مرَّتين”.

سُئِلَ منصور الرحباني ذات يوم: كيف تكتب في غياب عاصي؟

البزق: كان عاصي الرحباني يعزف على البزق.

أجاب: ما غاب عاصي، عنّي، يومًا واحدًا؛

هو حيٌّ فيَّ وما زلنا نعمل معًا…

*  *  *

عاصي الرحباني خلق أغنية ومسرحيّة

ما عرفنا مثل أناقتهما لا في أيِّ زمانٍ ولا في أيّ مكان…

الأغنية الفيروزية كانت وستبقى ملء السمع في لبنان

وفي العالم العربي وفي ديار الإغتراب، جيلًا بعد جيل…

زمن عاصي هو الزمن الذي عاشت فيه الأغنية اللبنانية،

مع فيروز، عصرها الذهبيّ…

*  *  *

عاصي الرحباني لن يُفتقد؛

فالكبار لا يموتون…

إنّه كبيرٌ في عالم الموسيقى مثل الكبيرين،

في عالم الأدب،

جبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة؛؛

هؤلاء الكبار، كلّما قَدُمَ غيابهم زاد حضورهم في النفوس…

سقى الله الزمن الماضي، زمن الكبار،

الكبار أدبيًا وفنيًّا وأخلاقيًّا واجتماعيًّا ووطنيًّا…

وتبًّا لهذا الزمن الحاضر، زمن الصغار، صغار النفوس والعقول…

قال المتنبي: ” ودهرٌ ناسُهُ ناسٌ صغارٌ،

ولو كانت لهم جُثث ضخام”…

*  *  *

لتُدخل أعمال الأخوين رحباني مدارس لبنان:

إنّ فيها، من الأدب الراقي، والبيان العربي السّليم،

والحبّ الصافي، والمشاعر الإنسانيّة النبيلة، والخلقية السامية،

والوطنيّة الصادقة بنوع خاصّ، ما يُغني العقل والقلب

ويُسَيِّرُهُما على دروب الخير والحقّ والجمال…

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *