لَاأَكْذِبُ إِذَا قُلْتُ لَكِ
نجيب محبوب
(المغرب)
لَا أَكْذِبُ إِذَا قُلْتُ لَكِ:
كَالْأَمْسِ لَازَالَ عِشْقِي لَكِ
جَذْوَةً مِنْ نَارٍ
قُدَّ زَنَدُهَا مِنْ طِينٍ مُتَيَبِّس.
شَرَراً تَطَايَرَ
فَأَذَابَ حَنَايَا الصَّدْرِ
فَأَنَّتْ لِكَيِّهِ
لِوَخْزِهِ نُتُوءُ النَّسْغِ
فِي اِسْتِرْخَاءَةِ اللَّحَا بَيْنَ
الْعَظْمِ وَ لَحْمِ الْوَضَمِ.
لَا أَكْذِبُ إِذَا قُلْتُ لَكِ:
عِشْقُكِ
رِيحُ السَّمُومِ
وَهِيَ تُذْرِي حَبَّاتِهَا
وتَكْتُمُ دُموعَهَا…
فَتَتَلَظَّى الْأَضْلُعُ اُلْحَزَانَى
شَوْقًا
حَنيناً
لِأَعْيُنٍ هِيَ السِّحْرُ يُومِضُ
فَيَنْجَلِي الْقَمَرُ
وَيَمْضِي الْألَمُ جُفَاءً
كَالْزَّبَدِ فِي فَمِ يَمٍّ
مُهْرَاق الْعُبَابِ وَالسَّيْلِ
وَالصَّخَبِ.
لَازِلْتُ حِينَ أَغْمِضُ الْجَفْنَ،
إِلَى مَدَارَاتٍ العُتْمِ يَأْخُذُنِي صَمْتِي
حَيْثُ عِطْرُكِ يَدُقُّ
فَتَسْكَرُ كُلُّ نَفْسٍ اِفْتَرَّتْ
وَتَضَوَّعَتْ عَبَقَا
هُوَ طِيبُ وَهَجٍ
مِنْ جَسَدٍ
هُوَ الُطِّيبُ وَالوَهَجُ.
لَازِلْتُ حِينَ أَغْمَضُ الْجَفْنَ،
أَتَلَمَّسُ بِيَدِي أحْلَامِي،
فَتَأْتِينِي مُرْتَدَّة الرَّجْعِ
صُوَراً
لِمَلَاكٍ نَثَرَتْ بِلَحْظِهَا غُنْجاً
أَصَابَ اُلْحَشَا فِي مَقْتَل.
وَأَذْهَبَ عَنِ اُلْعَيْنِ الرَّقَد
وَعَنِ اُلْبَدَنِ الرُّقُودَ.
لَا أَكْذِبُ إِذَا قُلْتُ لَكِ:
مَهْمَا تَوَارَتِ الْأَيّا مُ فِي عُيُونِي
مَهْمَا تَيَبَّسَ الْجَسَدُ فِي جَسَدِي
وَتَرَاخَتْ مِنْ تَعَبِ الْأيَّامِ
جُلُودِي
وَأَنَّتْ مِنْ طُولِ وَكَدٍ وِثاقِي
فَإِنَّكِ أَنْتِ
أَنْتِ وَحْدَكِ
شَغَفي الَّذِي أُمْسِكُ بِهِ سَرَابَ وُجُودِي.