نقطة مُضيئة

Views: 11

خليل الخوري 

المقابلات التلفزيونية سلاحٌ ذو حدّين. والحدّ الأمضى والأقسى هو عندما تنقلب المقابلة على صاحبها. الرئيس سعد الحريري ربح لقاءه التلفزيوني الأخير، فبدا رجل دولةٍ حريصاً على مصلحة الوطن العليا من دون ادّعاء العفة والقداسة. أعلن أنه يُشارك في تحمّل المسؤولية عمّا آلت إليه أوضاع البلد، في وقت يدّعي الكثيرون من المتكلّمين أنهم الأنقياء والأتقياء وربّـما الأولياء والقدّيسون.

إلى ذلك لم يُساير، ولكنه لم يشن الحرب على أي طرف ولم يتنكّر لأي فريق أو طيف في البلد. وهذا أضعف الإيمان توافقاً مع كونه مرشحاً «حكماً» لرئاسة الحكومة، فلا يُمكنه أن يكون رئيساً لحكومة تعادي بعضاً بارزاً وفاعلاً من اللبنانيين.

لكن، في المقابل، لم يحجب رأيه المعروف أصلاً، فسجّل المآخذ حيث يعتقد أنها موجودة ووصّف علاقته بكلٍ من الأطراف بهدوء وصدقية بعيداً عن التدليس والمحاباة أو الأحقاد والبغضاء.

وكَوني مثل سواي من اللبنانيين المعنيين بالشأن العام، خصوصاً معشر الصحافيين، فإنني أرى أن المقابلة التلفزيونية تكشّفت عن وجهٍ آخر للحريري الذي لم يكن يلبس قناعاً. وجه أكثر نضجاً، وأعمق إدراكاً سياسياً، وأشدّ انفتاحاً و… أكثر استعداداً لتحمّل المسؤولية في وقتٍ يجتاز لبنان واحدةً من أكثر حِقب تاريخه الحديث دقةً وخطورةً وحساسيةً…

لسنا نقرأ في الغيب، فقط نقرأ في الواقع والمستجدّات، فنرى أن سعد الحريري الذي طرح نفسه مرشّحاً لرئاسة الحكومة، إنما طرَحَه كلامه المرشّح الوحيد في هذه المرحلة. فهل تمضي الأمور في مسارٍ طبيعي يتكلل بحسن الختام؟ هذا ما يأمله اللبنانيون عساه يُشكّل كوّة مُضيئة في النفق المظلم…

فعلّ وعسى تؤدي المشاورات التي سيُجريها الحريري في الساعات المقبلة مدخلاً إلى توافقٍ أكثر ما يحتاجه البلد في هذه المرحلة على الاقل ما يُشكّل متنفّساً في هذا الاختناق الشامل اقتصادياً ومالياً وسياسياً وصحّياً.

(https://daveseminara.com)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *