رحيل جوزف صايغ… “الفارس الثائر” الباحث عن “الوطن المستحيل”
عندما أغلق باب منزله في زحلة نهاية هذا الصيف عائدًا إلى باريس حيث مقر إقامته منذ سنوات طويلة، شعر د. جوزف صايغ أن شتاءه سيطول ولن يكحل عينيه مجددًا برؤية مدينته الأحب على قلبه، وما إن وصل إلى باريس فاجأه وباء كورونا ولم يترك له مجالا لمجابهته، فاستسلم ورحل تاركًا فراغًا في عالم الأدب والفكر هو الذي عاش طوال حياته عاشقًا للكلمة ومصادقًا الكبار وكل من يملك أصالة الفكر والقيم، وتنوع نتاجه بين النثر والشعر والفكر فكان مجليًا ومبدعًا…
وصية د. جوزف صايغ أن يدفن في مدينته التي سكنت عينيه وقلبه في منفاه الباريسي، قرب أحبائه وفي حمى سيدة الكرمة. (https://skinclinic.es/) فهل ستسمح ظروف الوباء أن يعود في رحلته الأخيرة إلى حبيبته زحلة؟
*
د. جوزيف بركات الصايغ
– ولد عام 1928 في زحلة – لبنان.
– تلقى دروسه الابتدائية والثانوية في الكلية الشرقية بزحلة ثم في الكلية العلمانية الفرنسية في بيروت.
-أنهى دراسته الجامعية بالجامعة اللبنانية 1952، والأكاديمية اللبنانية 1953.
–سافر إلى فرنسا ونال إجازة في الآداب ودكتوراه علم الاجتماع الأدبي في جامعة باريس.
-عمل في الصحافة وإنتاج البرامج الثقافية في إذاعة باريس العربية.
–أسس الملحق الأدبي في جريدة الأنوار ورأس تحريره، ثم تولى إدارة تحرير القسم الأدبي لمجلة الجديد.
-انتقل بعد ذلك إلى التدريس في الثانويات، ثم في الجامعة اللبنانية حتى عام 1975. عاد إلى باريس وتولى وظيفة ملحق ثقافي في مندوبية لبنان الدائمة لدى منظمة اليونسكو.
-احتفلت زحلة في 16 آب 2014 باستقبال تمثال الشاعر جوزف الصايغ، وبإزاحة الستارة عن هذا التمثال في حديقة الشعراء، على مقربة من وادي البردوني، أعقبه حفل خطابيّ في فندق القادري الكبير، بدعوة من بلدية زحلة ـ المعلقة والكلّية الشرقية ومجلس قضاء زحلة الثقافي وأصدقاء الشاعر.
– نال وسام ضابط الفنون والآداب من وزارة الثقافة الفرنسية.
-أصدرت عنه وزارة الثقافة الفرنسية كتاباً بالفرنسية بعنوان “شاعر لبناني يغنّي فرنسا”.
– من أبرز مؤلفاته: قصور في الطفولة (1964)، “المصابيح ذات مساء” (1972)، “كتاب آن كولين كتبه لها جوزف صايغ (1974)، ثلاثيات (1984)، العاشق (1988)، القصيدة باريس (1992)، “الديوان الغربي” (1993)، “الأرض الثانية” (1995)، “سعيد عقل وأشياء الجمال” (2009)، – ترجمة رواية “أرض البشر” لـ انطوان ده سانت اكزوبري (2012)، “حوار مع الفكر الغربي” (2012)، “الأعمال الشعرية الكاملة- شعر جوزف نجيم” (2014)، “ضريح للقرن العشرين” (2017)، “يوميات بلا أيام” (2019).

*
بلدية زحلة تنعى جوزف صايغ
نعت بلدية زحلة المعلقة وتعنايل في بيان الشاعر جوزف الصايغ ابن زحلة الذي توفي اليوم عن عمر ناهز 92 عاما. وجاء في البيان:
“ببالغ الاسى والحزن ينعي رئيس واعضاء مجلس بلدية زحلة-معلقة وتعنايل الشاعر الكبير جوزف الصايغ.
الخبر حزين للبنان ولزحلة التي يتغرب عنها جوزف الصايغ مجددا، ولكنه يبقى ساكنا في قلوب أهلها، قلوب عشاق الثقافة والشعر والأدب …
هو الذي في سفره الأدبي لم يغترب عن زحلة فكتب فيها يقول:
” كل يوم لنا رجوع اليها
ولنا الراي خافقات عليها
ما رأينا الى جمال وهمنا
غير ذلك الجمال في عينيها
اغتربنا، ولم نفارق كأنا
اغتربنا عنها ولكن إليها “
بقي جوزف الصايغ حتى آخر يوم من حياته “فارس ثائر” يبحث عن “الوطن المستحيل” فإذا بمعاناته تستأثر العقل قبل القلب.
مبدع، جريء وصادق …
قال عنه الشاعر خليل فرحات:
“انه كاهن الكلمات، يعرف رعيته قصيدة قصيدة، ومقالة مقالة ، وهو الراعي ينادي خرافه بأسمائها، ويعرف أصل كل كلمة ويتقن طباعتها ونوع مشيتها، ورائحة عرقها.”
في جميع الأنشطة التي تعاطاها كان جوزف الصايغ شاعرا، “وقد مارس الشعر كفن خلاصي وكان ارتماؤه على الشعر ارتماء نسر في مطلق التهمة”.
وصفه أنسي الحاج بـ” صليب لبنان” هو الذي ملأت مقالاته بحب لبنان، ونقل عصفها الى المؤتمرات العالمية التي شارك فيها.
ولد الشاعر جوزف صايغ في زحلة سنة 1928، من بركات وأولغا الصايغ.
متزوج من اليزابيت عبد الأحد فيلديو، وله ولدان، أتم دروسه الثانوية في الكلية الشرقية والليسيه الفرنسية.
سافر الى باريس سنة 1954 حيث أتم جميع دروسه في جامعة باريس- السوربون حتى الدكتوراه،
عمل الصايغ في التعليم وفي الصحافة وعين ملحقا ثقافيا في مندوبية لبنان الدائمة لدى اليونيسكو، وقد شارك بهذه الصفة في مؤتمرات دولية مختلفة.
أسس سنة 1950 الرابطة الفكرية (زحلة – بيروت)
سنة 1991 أسس المؤسسة العالمية للمؤلفين باللغة العربية
هو عضو في المؤسسة العالمية للعلاقات الثقافية – باريس
نال أوسمة عدة أبرزها الوسام الوطني للفنون والآداب، وسام الأرز اللبناني، منح جوائز وجرى تكريمه مرات عدة أبرزها من قبل الاونيسكو، جامعة ميريلاند، مؤسسة ميرفت زاهد للثقافة في نيويورك، جمعية أهل القلم في بيروت، وجائزة اغناطيوس مارون للشعر، وقد نال جائزة جان سالمه، كما نال جائزة سعيد عقل مرتين.
في مقابلة أجريت معه قال الصايغ أنه يعود الى لبنان دائما بالشوق وعمليا مطلع كل صيف، وكان هاجسه أن حياته ستنتهي في الغربة.
آخر لقاء مع جوزف الصايغ كان في قصر بلدية زحلة قبل أسابيع عندما شارك رئيسا للجنة عينتها البلدية لإبداء الرأي في مشروع مطروح للمدينة.
رحم الله الشاعر جوزف الصايغ وأبقاه حيا في ذاكرة أجيالنا رائدا من رواد الحضارات وتلاقيها، وشاعر مبتكر أغنى زحلة وإغتنت به.
رئيس وأعضاء مجلس بلدية زحلة – معلقة وتعنايل يتقدمون بالتعزية الحارة من عائلته ومن عموم أهالي زحلة ويدعونهم لذكره في صلواتهم.”