فوضى النُّخَبْ

فادي الدِّمشقي

عملتُ على تهذيبِ نفسي كثيراً، واشتغلتُ في التنظيمِ ردحاً طويلاً، ودرَّبت الانضباط والدقَّةَ زمناً كبيراً، وقدَّمتُ أعمالاً “جليلةً إلى حدٍّ ما” في منهجيَّات التفكير السليم، لذا أعتبر نفسي من المجتهدين والدقيقين في تفكيرهم وعملهم، ومع ذلك فلقد اتصلت اليوم مرتين بصديقي في أوروبا في الموعد الخطأ، ونسيت في المرَّةِ الثالثةِ أن أتصَّل به في الموعد الصحيح.

قد يقول قائل أنَّك مُربكٌ أو مشغولٌ أو مرهقٌ، وهذا صحيحٌ نسبيَّاً ..

وقد يقول قائلٌ أنَّكَ فوضويٌّ بالفطرة فغلبَ فيكَ الطبعُ على التطبُّعِ، وهذا صحيحٌ إلى حدٍّ ما أيضاً.

ولكن الحقيقةَ التي أعتقدها أنَّنا شعبٌ مشغولٌ بإرادتناورغماً عن أنوفنا بآلاف المشاغل التافهة

والقضايا التي لا تُسمنُ ولا تفيدُ.. فكيف سننجح ما دامتِ حتَّى النُخَبُ الصادقةُ المخلصة فينا

متورطةً في الفوضى والتناقضات بدلَ التنظيم والتكامل

– فوضى التخطيط والتفكير والأداء

– فما بالكم بفوضى البسطاء والدراويش من العامة؟

وفوضى الخبثاء من الحُكَّام والمحكومين، وفوضى المنافقين والمأجورين والعملاءُ والمخرِّبين؟..

ما هو الحلُّ ؟

الحلُّ برأيي بأن نبدأ جميعنا بمحاسبةِ أنفسنا بابجابيّةٍ لا بسلبيَّة، وبمحبَّةٍ لا بضغينة، لننتقلَ بعدها إلى محاسبةٍ بعضنا البعض، بعَدلٍ ونُبلٍ ورُقيٍّ وتَسامحٍ ورِفعةٍ .. فالمحاسبةُ واجبةٌ ولو كان بعدها التسامحُ أوجب .. ولعمري إن هذا هو بدايةُ الطريقِ القويم.

 ***

 فادي الدِّمشقي واضع منهجيَّة الهندسة الذكيَّة 

المنطقٍ الديناميكي للعالم الجديد