كورونا وأخواتها

Views: 5

يوسف طراد

إن فيروس كورونا ليس أول فيروس مشترك بين الإنسان والحيوان (Antropozoonose) ولن يكون الأخير في سلسلة الفيروسات التي سبّبت أوبئة في الكرة الأرضية عبر التاريخ. ففيروس (Versinia pestis) اخترق التاريخ وانتشر في الجغرافية وكان سببًا لمرض الطاعون.

طاعون جستنيان عام 541م انتشر في كافّة أرجاء الإمبراطورية البيزنطية حاصدًا عشرات الآلاف من الضحايا البشرية. تبعه الطاعون الأسود الذي انتشر في أرجاء الكوكب عام 1348م وحصد 20 مليون شخص. ثم طاعون لندن العظيم عام 1665م وقد توفي بسببه أكثر من من 100 ألف إنسان. (tntechoracle.com) يليه طاعون منشوريا في الصين عام 1910م الذي ذهب ضحيته 60 ألف مخلوق بشريّ.

أمّا فيروس (Favivirus) كان مسؤولًا عن وباء الحمّى الصفراء التي سبّبته ذبابة (Aedes) وكان انتشاره عام 1793م في فيلادافيا وانتقل إلى دولٍ عديدة في محيطها حاصدًا 40 ألف شخص.

فيروس (H1N1) هو المسؤول عن أنفلونزا الخنازير، إكتُشف عام 2009م في المكسيك وهو أخطر أنواع الفيروسات التي انتشرت إلى ذلك الحين، إنه حصيلة مزيجٍ من الفيروسات الواردة من الخنازير والطيور والبشر، وقد أصيب بهذه العدوى أعدادٌ هائلة من الناس في تلك السنة.

أمّا (Sars) الذي ظهر في الصين عام 2002 وانتشر في جميع أصقاع الأرض محمولًا بواسطة مسافرين غير متوقّعين، هو من الفيروسات التاجية أو المكلّلة الخطرة التي ينتمي إليها فيروس (Covid-19) أو فيروس الكورونا. نسبة الاحتمال كبيرة أن يكون هذان الفيروسان مشتركين بين الإنسان والحيوان.

العدوى البشرية بفيروس أنفلونزا الطيور المتطوّر (H5N6) الذي اكتشف للمرّة الأولى أواخر عام 2016م هي عدوى تسبّب مرضًا خطيرًا جدًا وقد رُصدت عدّة إصابات بشرية بعيدة عن بعضها مئات الكيلومترات، هذا يعني أن هذا الفيروس لا تمنع انتشاره المسافات، تمّ اكتشاف آخر لهذا الفيروس في بريطانيا في 22 كانون الثاني عام 2018م، حيث نفقت طيور عديدة من أنواع البط والإوز المهاجر، أخيرًا منذ عدّة أيام رُصدت حالة نفوق في طيور عديدة نقلتها وسيلة إعلامية أجنبية على شاطىء منطقة إيسيج الفلبينية سببها سلالة جديدة من أنفلونزا الطيور المتطورة جدًا ذات طفرة مؤذية ومميتة، وقد انتقلت العدوى إلى شخصين على الأقل. مستوى المخاطر المرتبطة بحدوث انتقال سريع وتفشي المرض في مزارع الدواجن متوسّط إلى منخفض، لكنه يرتفع جدًا في أوقات عبور الطيور المهاجرة.

لهذا السبب وجب على جميع الوزارات في دول الشرق الأوسط وأمكنة هجرة الطيور الحذر وخاصة في مجال تربية الدواجن على نطاق واسع في مزارع متخصّصة تعتمد النظام العادي أو النظام المقفل. على صعيد الجمهورية اللبنانية أصدرت وزارة الزراعة ووزارة البيئة قرارين يتعلّقان بهذا الأمر ولهذا الحين لم يتأهّلا إلى مراسيم يمكن الاعتماد عليها. قرار رقم 552/1 تاريخ 19/6/2012 الصادر عن الأولى وقرار 16/1 تاريخ21/3/2001 الصادر عن الثانية والذي ينصّ في بندٍ منه على وجوب (تأمين شفّاطات في كافة الهنغارات وأماكن التخزين موصولة بفلتر فعّال يضمن إزالة كافّة الروائح) وهذا الذي لم يحدث في أي مزرعة على مساحة الوطن، إن هذا الفلتر إذا كان بمواصفات معينة يمنع عبور الفيروسات بالاتجاهين دخولًا وخروجًا، ويضمن عدم انتقالها إلى المستهلك أو البشر وخاصة فيروس أنفلونزا الطيور المتطور والفيروسات المنصوص عنها في البند 2/6 من القرار الثاني أعلاه والتي هي فيروسات من النوع الخطير والخطير جدًا.

ليس للإنسان قدرة على محاربة الفيروسات فكلّما وجد لقاحًا لأحدها ظهر آخر أكثر تطورًا، ويكون قد حصد الآلاف من البشر قبل إيجاد لقاح له، إلى الآن لم يستطع العلماء اكتشاف لقاح لفيروس أنفلونزا الطيور المتطوّر.

جلّ ما يمكن أن يصنعه هو صنع الخيال في الحقيقة كفيلم (Contagion) للمخرج ستيفن سودربرغ الذي عُرض في الصالات عام 2011 وكان الفنّ الاستباقي وليس الطبّ الوقائي الاستباقي. جاء هلع واقع اليوم ليترجم رعبًا سينمائيًا بعد حوالي عقد من الزمن، فلطالما تنبأت الفنون بمستقبل البشرية والأرض. ما كان خيالًا علميًا أصبح علمًا.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *