الْحَنِيْنُ إلَى الصِّبَا

Views: 33

محمد نعيم بربر

 

يَقُوْلُوْنَ لِي، دَوْمًا تَحِنُّ إلَى الصِّبَا

كَأنَّ مَدَارَ الْعُمْرِ قَدْ أوْقَفَ السَّيْرَا

فَقُلْتُ ومَا لِي أيُّ شَيْءٍ يَسُرُّنِي

لَعُمْرٌ مَضَى عِنْدِي يُعَادِلُ لِي الْعُمْرَا

وَدِدْتُ لَوَ انَّ الْعُمْرَ يَرْجِعُ مَرَّةً

إلَيَّ مِنَ الْمَاضِي، فَألْقَى بِهِ عُذْرَا

فَفِيْهِ أرَى نَفْسِي بِمِرْآةِ خَاطِرِي

تُصَوِّرُ لِي عَهْدًا مِنَ الْعُمْرِ قَدْ مَرَّا

تُدَاعِبُ أحْلامِي، وَنَجْوَى طُفُوْلَتِي

تُجَمِّلُ لِي حُبًّا، تُجَدِّدُ لِي ذِكْرَى

أرَى فِيْكَ يَا عُمْرَ الصِّبَا  لَحْنَ شَاعِرٍ

يَفِيْضُ كَنُوْرِ الشَّمْسِ فِي عَالَمِي شِعْرَا

يُنَاغِمُ أحْلامَ الرَّوَابِي ظَلِيْلَةً

يُبَادِلُنِي عَطْفًا، وَيُمْطِرُنِي عِطْرَا

وَفِيْكَ أرَى شَوْقَ الْعَصَافِيْرِ لِلْغِنَا

تُدَغْدِغُ أنْغَامِي، تَفِيْضُ بِهَا سِحْرَا

أرَى فِيْكَ دِفْءَ الْحُبِّ، عَيْنًا بَلِيْلَةً

تُهَدْهِدُ لِي مَهْدًا، تُؤَرْجِحُ لِي صَدْرَا

أرَى فِيْكَ أنْفَاسَ الْخُزَامَى تَضُمُّنِي

تُبَلِّلُنِي فِي الضَّمِ مِنْ شَوْقِهَا قَطْرَا

 تُلَوِّنُ مِنْ وَرْدِ الْخُدُوْدِ حَيَاءَهُ

وَتَرْشُفُ مِنْ وَجْهِ الْحَبِيْبَةِ لِي ثَغْرَا

تُقَسِّمُ ألْحَانَ السَّوَاقِي شَجِيَّةً

وَتَرْسُمُ لَوْنَ الأرْضِ فِي مُقْلَتِي نَهْرَا

أرَى غُرَّ أيَّامِي جَمَالاً وَرَوْنَقًا

تَمُدُّكَ شُطْآنا، وَتَنْزَاحُ بِي بَحْرَا

وَفِيْكَ أرَى صَحْبِي كَعِقْدٍ أصُوْغُهُ

تَوَزَّعَ فِيْهِ الْحُسْنُ حَتَّى غَدَا دُرَّا

كَمَا صَوْتُ أجْدَادِي يُعِيْدُ بِهِ الصَّدَى

تَرَانِيْمَ أشْعَارِي، وَمَلْحَمَتِي الْكُبْرَى

يُخَبِّىءُ عِمْلاقا تَوَارَى وَقَدْ مَضَى

يُذَكِّرُنِي الأحْلامَ وَالْمَجْدَ وَالنَّصْرَا

وَيُجْلِي بِآفَاقِي مِنَ الْكَوْنِ حُسْنَهُ

فَإذْ فِيْكَ هَذَا الْكَوْنَ يَزْدَادُ لِي سِرَّا

تَوَحَّدَ فِيْكَ الْعُمْرُ حُسْنًا، كَأنَّمَا

أرَى عَالَمًا أحْلَى، أرَى عَالَمًا حُرَّا

 ***

(*) من بحر الطّويل

(championshipmartialarts.com)

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *