جان سالمه… هول المفاجأة وذكريات الزمن الجميل
نبيل غصن
عندما تلقيت نبأ رحيل المغفور له الصديق الأديب جان سالمه، صمت كل شيء حولي بلحظات، وارتعشت يداي، وسرت في جسدي قشعريرة، ليس خوفاً من الموت، لكن من هول المفاجأة..
قبل بضعة ايام من غيابه اتصل بي المرحوم جان وقال لي: كم تعجبني قصائدك يا نبيل، فأنا اقرأها بشغف واتلمس رقة احاسيسك فيها، وانا اتحضر لأكتب كلمة مسهبة عنك، اتناول فيها تعدد مواهبك، من كتابة الروايات الاذاعية والتلفزيونية واخراجها، وادارتك لبرامج الاذاعة اللبنانية سنوات، الى جانب موهبتك الغنائية، واخيراً موهبتك الشعرية، التي تسجِّل فيها انجازات متميزة هذه الايام.
وصدف ان العزيز جان غيّر موقع منزله قبل بضعة اشهر ، وانتقل الى منزل جديد آخر ارادنا ان نزوره ونبارك له فيه… فلبينا الدعوة، أنا وصديقنا المشترك الأديب الاستاذ جورج طرابلسي برفقة زوجتينا بالطبع، وكانت المفاجأة انه وزوجته الفاضلة جاكلين، قد اعدا لنا مأدبة عامرة بأطيب المأكولات تدل على كرمهما وذوقهما الرفيع ..
وكانت لنا جلسة ممتعة تناولنا فيها مواضيع فكرية واجتماعية مختلفة، كما استعدنا ذكريات الماضي الجميل ورفقتنا ايام الشباب وزهوه… وكان يومها العزيز جان في أحسن حالاته، يضحك ويمرح ويروي الذكريات بسعادة كبرى.
كان العزيز جان منذ شبابه مولعاً بالأدب والصحافة والكتابة، وقد اغنى مكتبتنا الأدبية بمجموعة وافرة من الكتب التي تناولت كل المجالات الفكرية، من ابحاثٍ وقصصٍ وترجمات
لأشهر الكتّاب في العالم…
ومن شدة ولعه بالأدب والأدباء، سعى الى إنشاء جائزة معروفة بإسمه، كرّم من خلالها عشرات الكتاب والمفكرين من لبنان والعالم العربي .
واليوم اذ يغيب عنا وجهك الصبوح يا أخي العزيز جان، إنما ذكراك باقية حية في قلوبنا وعقولنا، ولا نملك سوى رفع ايدينا الى السماء، والابتهال الى الله العلي القدير أن يتغمدك بواسع رحمته، ويدخلك فسيح جناته، داعين لزوجتك الفاضلة جاكلين ان يبلسم الله جرحها العميق بالصبر والسلوان والعمر الطويل.
