حذار الإستدراج

Views: 659

خليل الخوري 

الحدث في طرابلس لا يحمل الكثير من الغموض. هو واضحٌ في منطلقه وفي تطلّعاته وفي ما يمكن أن يدخل عليه من عناصر الإستغلال.

بدايةً، لا يمكن أن يتجاهل أحد أنّ الناس في معاناة عامّة، وخصوصاً الفقراء والمُعدَمين والذين إن لم يعملوا في نهارهم لا يستطيعون بأن يقوموا بأوَد عيالهم وأنفسهم. ولقد انطلقت الأحداث إحتجاجاً على تمديد الإقفال العام. والناس، في طرابلس وسواها، ليسوا ضد الإقفال لأنهم يرحّبون بكورونا أو لا يخافونها، ولكن لأن لا بديل لديهم عن تحصيل قوتهم ولو مقابل العمل بالحد الأدنى.

ولقد توافقَ هذا الإنطلاق مع الأزمة الإقتصادية – الإجتماعية – المالية – المعيشية الخانِقة، ما يفتح الباب أمام اليائسين الكافرين بالسلطة كافةً للتعبير عن غضبهم.

هذا في المنطلق، أما في التفصيل فلا شكّ في أنّ المتربّصين شراً بهذا الوطن، ينتظرون على الكوع، أيّ كوع، ليصبّوا الزيت على النار وليُعيدوا تأجيجها كلّما همَدت. وتكفي نظرة إلى المُستهدَفين بالهتافات والسباب والشتائم والتصرّفات العدائية… ليتبّن أنّ هؤلاء ليسوا من طرف واحد، فالشتائم شملت النائب فيصل كرامي وفي المقابل طاولَت النائبين سمير الجسر وأبو العبد كبارة إلخ… وبقدر ما يدلّ هذا إلى أنّ المواطنين فقدوا القدرة على الإحتمال، إنما هو كذلك يكاد أن يُشير، بالمباشر، إلى الجهات التي تركب الموجات وتستغلّ مشاعر الناس وأوجاعهم ومآسيهم.

ثمّ ليست مجرّد مصادفة أن يكون المتظاهرون، في طرابلس، قد استهدَفوا، أولاً بأول، قوى الأمن الداخلي بما فيها شعبة المعلومات وقيادتها في الشمال، وطبعاً استهدفوا الجيش. وهذا في حدّ ذاته يُشير إلى نيّات الذين يستغلّون الحراك لتوجيهه وفق أهدافهم المبيّتة.

تعرّضت قوى الأمن الداخلي في طرابلس إلى هجمة شرسة مباشرة من خلال الإعتداءات عليها ورميها بالحجارة ومئات قنابل المولوتوف وبعض القنابل ذات الصناعة الروسية، وكذلك إلى محاولات إقتحام مقرّها الرئيس الكائن في سراي طرابلس.

طبعاً إن المواطن العادي الذي يُعبّر بالإحتجاج عن وجعه قد لا يكون على دراية بخطورة الإعتداء على القوى الأمنية والعسكرية. وبيان المديرية العامة أشار إلى إطلاق نار من مجهولين، ولعلّهم معروفون، ولكن جرى التحفّظ عن كشفِهم حالياً على الأقل.

نحن الذين ندعم المطالب الشعبية بقوّة، ونُقدّر ظروف الناس وأوضاعَهم ونحن منهم، نُناشدهم ألا يسمحوا لأصحاب المُخططات أن يستدرجوهم إلى حيث لا تكون المُحصِّلة إلا المزيد من الخراب والخسائر والبؤس والفقر.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *