“صاروا مية”: استعادة مجد

Views: 920

د. جان توما

هكذا، بدون مقدمات، اقتحم  بالأمس، برنامج “صاروا ميّة” ، على قناة MTV ، الذي يعدّه جان نخول وتقدّمه نبيلة عواد، كالعطر مسام عقولنا، وثقوب ذاكرتنا المتجمدة في قطبي الحَجر الشمالي والجنوبي.

استعاد البرنامج “ أيام زمان” وشيئًا من ذلك الألق الذي ما زال حتى اليوم يتجّدد إشعاعًا مبدّدا ما ساد من نشاز وخروج على الإيقاع في عالمنا المتبدّل المتغيًر كوجهة الأنواء البحريّة المتناوبة، فهبّت نسائم جمالات ما مضى، وتمتمات ما صار في الذاكرة، فجدّد شبابنا، واستذكر  عظماء التراث الغنائي العربي ، فشدّنا إلى ما فات، ورمّم ما خسرناه من أمل، لنبقى على هذا الرّجاء الذي حملته الأغاني العربية والألحان الرائعة ، من سيد درويش إلى محمد عبد الوهاب والسنباطي وبليغ حمدي والكبار غيرهم.

رجعت الأصوات الجميلة تنادينا إلى الخروج من قمقم الحَجر إلى مطارح الجمال في الكلمة واللحن، فأطلّ  علينا الهرم الرابع كوكب الشرق أم كلثوم، وموسيقار الجيل عبد الوهاب، وسعاد محمد، وقيثارة الغناء العربي نجاة الصغيرة، وفايزة أحمد، وعبد الحليم وفريد ومطرب المطربين وديع الصافي، وسفيرتنا إلى النجوم فيروز وعمالقة كثر من الذين ملأوا طفولتنا وشبابنا بغناء الفرح ولحن السعادة.

من مساؤى التلفاز أنّه يدخل عزلتك بمختلف أنواع برامجه، المُتْعِبة منها والمفيدة، فتواجه وتناضل وتستنكر  وتبدّل المحطة، إلّا أنّنا، بالأمس، رفعنا الراية البيضاء استسلامًا ، وفتحنا الأبواب، وشرّعنا النوافذ لدخول صور متسارعة ومؤثرة لرياح التراث العربي الأصيل، والأصوات والألحان التي رسمت عالمنا الأرحب، وكانت من جملة الصور التي ” صارت مية” من حزمات الأمل بحياة أفضل.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *