سجلوا عندكم

رحيل الصحافي المحامي جورج عبيد

Views: 486

د. جان توما

سَحَرَكَ هذا الشرق فكنت إليه متبديًّا في واحاته، وكانت العربية منسكك، وإليها انصرافك. آمنت بكثبان رمل بادية الشام وما بين النهرين فكنت تنتمي باعتزاز إلى هذا التراث العظيم، الممتدّ من المحيط إلى الخليج.

أحببت اللغة العربية فكان معجمك القانوني وخطابك الحقوقي ينهلّ من صافيات الكلم لكأنّك، كما أحببت دائما، أن تذكر عشراءك وأحبتك من أهل اللغة والتاريخ، من سعيد عقل وقسطنطين زريق إلى جورج خضر الذي كنت ترى فيه هذا الفارس الآتي من تراث الحضارات الغنيّ في هذا الشرق الجريح، إلى عالم متجدد بمعمودية الفكر والإيمان.

استيقظت على خبر رحيلك، بعد رفقة الوباء لأيام معدودات. لكأنّ الأحلام ما عادت تكفينا ولكأنّ اليقظة صارت مؤلمة بحقيقتها لولا أنًك من النورانيين الذين يقتبسون من أبي الأنوار قبسًا يقذفه المولى في الصدر والعقل والقلب. كنت حاملًا كلمته العليّة، وكنت مدركًا أنّ حجر القبر باقٍ منذ قيامته مفتوحًا على الرجاء، وأنّنا نعبر من الحياة إلى الحياة.

يا أيها العزيز جورج ، الأديب والقانوني، صباح هذا الأحد حزين، رغم شمسه الدافئة، لكن التعزيّة أنّ من يسمع صوتك الرنّان ولغتك البليغة يدرك أنّ كلمتك باقية مزهرة ومزهوة كما كنت بمن كان في البدء الكلمة، وصرت إليه.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *