بين المصطبة والشاشة

Views: 1036

د. جان توما

كانت الحال يومها أنّ المصطبات والساحات والمقاهي ملاعب الحياة اليوميّة. كيف هكذا بين ليلة وضحاها صارت جدران البيت الأربعة هي العالم الكامل؟! كيف صارت مساحات البيوت ملاعب اليوم والمدى لقضاء الأويقات؟ كيف استطاع أغلب الناس أن يتأقلم هكذا فجأة على هذا الواقع ” البيتوتي” الجديد؟ بل قل كيف استطاع البيت الصغير أن يستوعب بفرح عدد أفراد العائلة الوافر؟

إنّ التحدي الكبير الذي يواجه بيوتنا اليوم قائم في كيفية تنظيم البرنامج اليوم في غرفة أو غرفتين؟ وكيف يواجه الأهل أولادهم وقد صاروا على تماس معهم ٢٤ على ٢٤ ساعة؟ وقد كانوا يغادرون صباحًا معًا ويعودون فرادى في أوقات مختلفة يحدّدها دوام عمل كلّ واحد.

ما هذه الهويّة المتجدّدة المستعادة وقد فقدتها البيوت منذ انطلاق مجتمع الاستهلاك؟ لا شك في أنّ الأيام الأولى بعد انتهاء مرحلة الفيروس ستكون أشبه بأيام العفوية والبساطة وبدء الأشياء، كأنّها الطفل الطالع من معمودية التجربة إلى عالم اليقين.

صحيح أنّ كلّ شيء صار أسهل بوسائل التعامل عن بُعد، ولكنها ستكون تجربة لعلاقات إنسانيّة خدماتيّة لاحقًا عن قُرب. لقد اكتشف الجميع كما هم بحاجة إلى بعضهم البعض، وأنّ الوجه المقابل هو العالم الواقعي بعيدا عن عالم افتراضي، وأن العيون لا تقوم مقامها شاشة بل تبقى أمينة على الكثير ، وقد كانت أمينة على القليل.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *