حوار الأبكم

Views: 578

منى دوغان جمال الدين

شارد الذهن، يطوف بأحلامه عالم الكلمات، يقلب احرفها بإشارات شبه غريبة للمارة. يستنجد بأنامله علها تعزف سمفونية تحادث قلوبا استسلمت لجماد رتابة الحياة.

نظراته تخفي اسرارا؛ تارة تراه سارحا وكأنه ينثر أفكاره على لوحة سوريالية، وتارة أخرى تراه متأملا طبيعة نامت في احضان تسبيحات فجر خجول.

أتراه يحادث الطيور التي وحدها تفك رموز تمتماته؟ أتراه يناشد حرارة الشمس التي تمنحه دفء الوجود، أم أنه يبحث في سكون الليل من يدندن أحلامه؟؟

وحيد، يجول في الأزقة. لا يستعطي، لا يمد يده للمارة، لا يطلب صدقة ولا شفقة.

 يحمل صندوق الفرجة مع ابتسامة لا تفارق ثغره.

وحينما يتوقف على أحد الارصفة، يضع زوادته جانبا، ويبدأ بعرض ما في جعبته من صور. تتتابع واحدة تلو الأخرى حاملة معها نسائم زمن غابر. تحاكي المارة، تنعش ذاكرتهم. كل صورة تحضن قصة اجيال.

والمارة يتفاعلون مع كل مشهد جديد. بعضهم يرى فيه زاويته أو حارته، وبعضهم الآخر يرى فيه تراث اجيال، ومعمر عاش وتعايش مع هذا الزمن يجود في سرد قصة ما خبأته العدسات.

تتعالى ضحكات الاطفال الرنانة، تتراقص العيون وتنفرج اسارير من كان عاقد الحاجبين. تتوقف عقارب الساعة لهنيهات عند من كان يركض مسرعا وراء لقمة عيشه ليستلذ بتلك اللحظات النادرة.

يعود الابكم ادراجه تاركا وراءه ابتسامة شيخ وقهقهة فتيان وفضول أجيال.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *